هذا (1) لو أريد من كلامه هذا المثالية حتى يطرد الحكم في جميع المقامات، أما لو أراد ذلك في خصوص المثال المفروض لدليل دل على ذلك في نظره - من نص ونحوه - فلا بحث على فرض وجود الدليل (2) ولم نقف على ما يفيد جواز ذلك بالخصوص. وأما قاعدة الغرر فالظاهر أن المراد بها كون المعاملة بحسب الظاهر عند المعاملة خطرا، ومصادفة الواقع لا دخل لها في ارتفاع الغرر، فلا يفترق الحال في البطلان بين ما ظهر موافقته للواقع من مساواة العوضين وعدمها.
وخامسها: أن الغرر والخطر بعد ما عرفت معناه أمر عرفي يختلف بحسب الموارد، ولذلك اكتفى الفقهاء في المعلومية بالمشاهدة مرة، وبالكيل والوزن أخرى، فإن طرق الاختبار والامتحان تختلف بحسب المقامات، والتفاوت أيضا يختلف في الأعيان، فقد يكون مما يتسامح في شئ دون شئ، وذلك واضح.
وليس الغرر كالسفه الذي يرتفع بتعلق غرض آخر به، لأن موضوع السفه يتبدل بتبدل الأغراض، والغرر متى ما تحقق فلا ينفع في الصحة انضمام المصلحة، فلو رأى العاقد في بيع ما لا يقدر على تسلمه (3) أو شرائه مصلحة لنفسه لا يرتفع الغرر بذلك، بل هو محكوم (4) بالبطلان، لشمول الدليل وصدق الغرر.
وكما يرتفع الغرر في مسألة المعلومية بما جرت به العادة من طرق الاختبار والامتحان، فكذلك يرتفع في مسألة القدرة على التسليم، وفي مسألة معرفة الوجود بما جرت به عادة الناس، فما وثق في العادة بوجوده وبإمكان تسليمه لا غرر فيه، والميزان في ذلك مجاري العادات، ولا ضابط له في الشرع إلا ذلك. ولا يعتبر القطع بالوجود والقطع بإمكان القبض، كما أن الشك في ذلك غير كاف، لعدم الوثوق، فتدبر.
ومن هنا علم: أن بيع الغاصب والمكره ونحو ذلك لا يعد غررا، لأن إمكان التسليم عرفي ولا دخل للمالك في ذلك، وترقب (5) الإجازة لا يعد خطرا