فإن قلت: فما تقول في الوكالة؟
قلت: نظير الأوامر، لأن فيه أيضا ثلاثة أشياء: التسليط، والتسلط، وهما حاصلان غير قابلين للتعليق، والتصرف الذي هو متعلق التسلط، وهو بعد لم يحصل، فيمكن تقييده وتعليقه، ويكون المراد: وكلتك، أي: سلطتك على التصرف في الحنطة إن كانت حمراء، فهو قيد للتصرف: كالإكرام في أكرم زيدا إن جاءك.
ولذا قال الشهيد رحمه الله في اللمعة: ولو جعله قيدا للتصرف صح (1) مع اشتراطه التنجيز في الوكالة.
فإن قلت: ما تقول في النذر والتدبير والظهار والإيلاء والمكاتبة واللعان؟
فإنها تصح بالشرط والتعليق، ويتأخر الأثر أو يقوم الاحتمال، مع أن القول بالصحة في بعضها إجماعي، وفي بعضها قول بها معروف، كما نص عليه في اللمعتين (2).
قلت: قد سبق منا في المقدمات: أن الإنشاء يمتنع تخلف المنشأ عنه، لكن المنشأ له أقسام.
فنقول: النذر إنشاء التزام بإتيان شئ أو إعطاء شئ، فالمنشأ - وهو الالتزام - قطعي الحصول بالإنشاء غير معلق، وإنما المعلق هو الأمر الثالث وهو الملتزم به.
وكذلك اليمين، فإن فيهما (3) شيئا ثالثا هو متعلق المنشأ غير موجود قابل للتعليق.
وكذلك التدبير ليس معناه إنشاء العتق حتى يقال: أنه كيف يتأخر إلى ما بعد الوفاة؟ بل هو إنشاء الأهلية، وهو كون العبد مستحقا للعتق بعدها، إذ هو معنى المنشأ في صيغة التدبير، وهو حاصل من حين العقد ولا تعليق، الا ترى أن العتق