والظاهر من كلام الفقهاء، أن الضابط في الاستئمان: وجود الأذن من الشارع أو المالك في وضع اليد أو التصرف، فإن كل مقام تحقق فيه ذلك فهو داخل في باب الأمانات غير مستعقب للضمان، وهذا مشكل من جهات:
منها: أنهم حكموا بضمان المقبوض بالسوم على قاعدة (على اليد ما أخذت) مع أنه مقبوض بإذن المالك.
ومنها: أنهم ذكروا: أن المال المقبوض بالعقد الفاسد مضمون - كما ذكرناه سابقا - مع أنه مقبوض بإذن مالكه.
ومنها: أن المال التالف قبل الإقباض في عقود المعاوضات مضمون على صاحب اليد وإن كان باقيا في يده بإذن المالك.
ومنها: أن الغاصب إذا أذن له المالك في البقاء في يده ولم يصرح بأنه وكيل في القبض من جانبه بقي مضمونا عليه، ومجرد الأذن في البقاء لا يرفع الضمان وإن رفع إثم (1) الغصب والعدوان.
ومنها: أن في باب مجهول المالك صاحب اليد مأذون في الصدقة، مع أنه ضامن.
وبالجملة: دعوى: أن كل إذن من المالك أو الشارع والتصرف موجب لعدم الضمان لا وجه لها (2).
ومنها: أن أكل المال في المخمصة مأذون في الأخذ، مع أنه ضامن.
ومنها: أن [كلا من] (3) الصائغ والطبيب ونحو ذلك مأذون في التصرف في المال، مع أنه ضامن لما تلف في يده عندهم. ونحوه الملاح والمكاري والأجير وغير ذلك، فمجرد كون الأذن مسقطا للضمان كما ترى!
والذي يقتضيه النظر أن يقال: إن الاستئمان عبارة عن إذن المالك أو الشارع