وأما التعليق بالشرط المقارن مع عدم العلم بوجوده، كقولك: (بعتك الحنطة إن كانت حمراء) أو (وكلتك في بيعها إن كانت حمراء) فهل هذا أيضا ممتنع عقلا فلابد في بيان جواز ما جاز فيه ذلك إلى تخريج، أو هو جائز، وليس كالتعليق على الشرط المتأخر، فلابد في بيان عدم جوازه حيث ثبت من دليل؟
ومنشأ البحث: ما يظهر من الأصحاب البطلان في مثال البيع والصحة في مثال الوكالة، بل حكي عن العلامة الإجماع على بطلان الأول وصحة الثاني (1).
فنقول: الذي يقتضيه النظر أن التعليق على الشرط المقارن غير ممتنع في حد ذاته في الانشاءات وإن امتنع في بعض المواضع بالعرض كما نبينه (2) إذ غاية ما يمكن أن يقال: إن الإنشاء قد علم أن معناه الإيجاد، ويمتنع تخلف الوجود عنه، فإذا قال: (بعتك) يلزمه حصول الملك والتمليك، ومتى علق بكونه حمراء (3) مع الجهل بالصفة فيحتمل وجودها حتى يتحقق الملك ويحتمل العدم فلا يحصل، مع أن الإنشاء حاصل جزما، والمنشأ حينئذ محتمل قطعا، وإن هو إلا تخلف المعلول عن العلة.
قلت: أولا: نجيب بالنقض بالوكالة، فإن إنشاء الوكالة علة تامة لحصولها ومتى جهل كون العبد الموكل في بيعه مثلا في البلد حيث شرط ذلك يحتمل تحقق المنشأ وهو الوكالة، لكونه على أحد التقديرين، وإن هذا إلا التخلف مع الإجماع على صحته، والعقل لو ثبت لا يخصص.
قيل: فرق بين الانشاءات، فإن بعضها ليس علة تامة مطلقا، بل يعلق على أحد التقديرين كما في قولك: (نعم الرجل زيد إن ركب أمس) فإنه إنشاء للمدح على ذلك التقدير والوكالة من هذا القبل.
قلت: هذا تحكم صرف، إذ البيع ليس إلا تسليط المشتري على المبيع، كما أن الوكالة كذلك إن كانت مطلقة، غايته: الفرق بالأصلية والنيابة، وهو لا يصلح فارقا