فنقول: لا ريب أن كلمة (على اليد) في موضع الخبر المقدم لقوله: (ما أخذت) ومتعلق (1) الخبر نحو قولنا: (ثابت) و (لازم) في هذا المقام - كما هو القاعدة في التقدير في أمثال المقام - فأصل المعنى: أن ما أخذته اليد ثابت عليها، وقوله: (حتى تؤدي) بيان للغاية، أي: هذا الثبوت إنما هو إلى حين الأداء، فإذا أدت ارتفع ما ثبت عليها (2)، فلو حمل هذه الرواية على المعنى الأخباري - وهو كون ما أخذته ثابتا عليها حتى تدفع - لكان ذلك توضيحا للواضح أولا، وهو ليس من وظائف الشرع، بل هو مستهجن جدا، وكان مستلزما للكذب أيضا، لأن ما على اليد قد يرتفع بغير الأداء، كالتلف أو الوضع في مكان آخر، فلا بد من حملها على معنى إنشائي يكون بيانا لحكم شرعي، فيدور الأمر حينئذ بين إرادة الحكم التكليفي - بمعنى: أن ما أخذته اليد فعقابه عليها، أو حفظه واجب عليها، أو رده واجب عليها - أو الحكم الوضعي، بمعنى: أن ضمانه وغرامته (3) عليها حتى تؤدي.
فنقول: إن إرادة وجوب الرد بعيدة عن سياق العبارة جدا، إذ إرادة الرد (ما أخذت) مستلزم للمجاز بغير علاقة ورابطة، أو إضمار لأمر بعيد بلا قرينة ولا دلالة، ومع ذلك كله فينافره قوله: (حتى تؤدي) لأن التنافر في قولنا: (يجب رده حتى يرده) واضح لا سترة فيه.
وأما إرادة وجوب الحفظ: فهي أيضا بعيدة عن المدعى، نظرا إلى أن إرادة الحفظ ع (ما أخذت) مجاز من دون علاقة وقرينة، والإضمار مخالف للقاعدة، سيما مع وجود المجاز، فإن المجاز أولى منه، وسنبين ما هو الظاهر من الرواية.
مضافا إلى أن كلمة (حتى تؤدي) لا تلائم إرادة وجوب الحفظ، إذ الظاهر من الدفع والأداء، التخلص عن الغرامة والضمان، لا التخلص عن الحكم التكليفي الصرف