في الصلح - على ما نختاره - فكذلك في الشرط فيجوز اشتراط ما يوجب جهالة كذلك. وإن كان يتحمل الجهالة مطلقا فيجوز اشتراط ما يوجب الجهالة كيف كان.
ومن هذا الباب بطلان كثير من الشروط التي حكموا فيها بالبطلان، لا حاجة إلى ذكرها، وفرض ذلك في سائر الأبواب مما لا يخفى على المتدرب، ومن هنا ظهر وجه بطلان هذا النوع من الشرط، وذلك واضح.
الثاني: هو الشرط المخالف لمقتضى العقد.
وهذا الشرط يحتاج معرفته إلى معرفة مقتضيات العقود، وقد حققناها في العناوين السابقة (1) فينبغي الرجوع إليها حتى يتضح الأمر.
ومجمل المقال: أن مقتضى العقد: إما مقتضى ذاته، بمعنى: أن ماهيته لا تتحقق إلا بذلك، كالتمليك في العقود المملكة للعين أو المنفعة أو الانتفاع، فإن فواته موجب لانتفاء العقد، وكالهيئات المعتبرة في العقود مثل كون الربح والنماء مشتركا بالإشاعة بين العامل والمالك في المضاربة والمزارعة والمساقاة، وكون السبق في المسابقة للسابق ونحو ذلك، فإن هذه أمور لو انتفت لم يكن العقد على ما شرع في الأصل، وهذه الأمور لو شرط ما ينافيها بطل.
والوجه في ذلك: أن الشرط يتبع في الصحة للعقد، فإذا لم يترتب على العقد ما هو مقوم لماهيته فلا عقد حتى يرتبط به الشرط، فلا يكون حينئذ للشرط موقع.
وكذا لو شرط ما يخرج العقد عن هيئته، فإن الأمر حينئذ يدور بين أمرين: إما كون العقد على الهيئة المشروطة، وإما بطلان الشرط وصحة العقد وانصرافه إلى ما هو المقرر من قاعدته في الشرع، فعلى الأول لزم البطلان في العقد ابتداءا، لخروجه عن موضوعه الذي دل عموم أدلة العقود أو خصوصها على صحته، فيبقى تحت أصالة الفساد الأولية فيبطل، لعدم دليل على صحته بهذه الهيئة، فيبطل الشرط أيضا، لأنه مرتبط بالعدم، فيصير وجود الشرط وصحته حينئذ مبطلا لنفسه، وما يستلزم صحته بطلانه فهو باطل. وعلى الثاني فيبطل الشرط أولا،