عليه إنما هو في صورة عدم إظهار خلافه، فإن إقراره وظواهر كلامه حجة على نفسه، فلا يسمع بعد ذلك دعوى خلافه وإن لم يعلم إلا من قبله، وحيث يمكن استعلامه بإقراره أو بظاهر كلامه ذكر الأصحاب فيه اليمين، وإلا لم يتوجه دعوى المنكر خلافه حتى يحتاج إلى يمين، لأن الفرض أن المنكر لا يطلع عليه حتى يدعيه، ويشترط في توجه الدعوى كون الشئ مما يمكن كون المدعي عالما به.
وكذا في صوره توجه اليمين على المنكر أيضا يشترط كون الدعوى مما يمكن الاطلاع عليه المدعي، ويكفي في ذلك إمكان استعلامه بإقرار المنكر مثلا، فلا يضر كونه مما لا سبيل إليه. وبهذا المعنى علل جماعة من الأصحاب في توجه اليمين (1) في كثير من الأبواب.
فنقول: لو ظهر من إقرار المدعي أو من ظاهر كلامه ما ينافي ما ادعاه ثانيا لا يقبل قوله حينئذ، لأنه مكذب لنفسه وإن كان الشئ مما لا يعلم إلا من قبله، لأن ذلك علم من قبله في الحقيقة، ولذلك لا يسمع دعوى المقر أو البائع - أو غير ذلك من العقود والإيقاعات - عدم كونه قاصدا للمعنى بعد الوقوع، فإن ظاهر ما صدر منه من العقد والإيقاع كونه قاصدا، فدعوى خلافه غير مسموعة وإن كان هذا مما لا يستطيع الأشهاد عليه، فإن عدم القصد في القلب مما لا يطلع عليه غير المدعي ومع ذلك فهو غير مسموع، لمنافاته لظاهر ما صدر منه.
وبالجملة: حيث إن ظواهر الألفاظ والأقارير حجة على القائل فلا يكون مما لا يعلم حتى يقبل قوله، بل يكون مما علم خلافه شرعا، فتدبر، فإن في ذلك فتح باب عظيم وحل إشكال عن المقام كذلك.
وأما قولنا في الطلاق الرجعي لو ادعى الزوج عدم القصد أو عذرا آخر قبل خروج العدة يسمع مع أن ظاهر صدور الصيغة منه خلافه، فلا إشكال فيه، لأن هذا ليس دعوى متعلقة بالغير، لجواز رجوعه على زوجته وإن كان في الواقع طلقها،