النزاع فيها في إثبات شئ أو نفيه أو كيفيته، وكل أمر فيه اختلاف بين العلماء كثبوت الشفعة مع الكثرة، أو احتيج فيه إلى التقويم كالأرش وتقدير النفقات، أو إلى ضرب المدة، كالإيلاء والظهار، أو إلى الإلغاء (1) كاللعان فهو إلى الحاكم، ومما يحتاج إليه أيضا القصاص نفسا وطرفا، والحدود والتعزيرات، وحفظ مال الغائب كالودائع واللقطات (2) انتهى كلامه رفع مقامه.
وجعل الفاضل المدقق المعاصر في عوائده وظيفة الحاكم كلية في أمرين:
أحدهما: أن كل ما كان للنبي أو الإمام فلهم ذلك، إلا ما دل الدليل على إخراجه. وثانيهما: كل فعل متعلق بأمور العباد في دينهم أو دنياهم لابد من الإتيان به ولا مفر منه إما عقلا أو عادة، من جهة توقف أمر المعاش أو المعاد لواحد أو لجماعة عليه، وإناطة انتظام أمور الدين أو الدنيا به شرعا، من جهة ورود أمر به أو إجماع، أو نفي ضرر أو ضرار، أو عسر أو حرج، أو فساد على مسلم، أو ورود الأذن فيه من الشارع أو دليل عليه، ولم يجعل وظيفة لمعين واحد أو جماعة، ولا لواحد لا بعينه، بل علم لأبديته والأذن فيه ولم يعلم المأمور به والمأذون، فهو وظيفة الفقيه (3) انتهى كلامه رفع مقامه.
وحاصل غرضه: ما علم من قواعد الشرع لابدية الإتيان بشئ مع عدم معلومية الآتي به من الشرع، فينبغي أن يأتي به الحاكم.
واستدل عل الأمر الأول بالإجماع وقد قدمنا ذكره، وبما مر من الأخبار وقد عرفت قصور دلالتها على هذه الكلية، إلا فيما دل على الخلافة، ومثله الخبر الأخير وقد عرفت الإشكال.
واستدل على الثاني بالإجماع أيضا وقد عرفته، وبأن كل أمر كان على ما فرضناه لابد أن ينصب الشارع له شخصا، والمفروض أنه غير معلوم والفقيه صالح له، وما فيه من الجلالة كاف في كونه منصوبا، مع أن كل من فرض وليا فالفقيه