ما ورد في الخبر: أنه إذا كان الجور أغلب من الحق لا يحل لأحد أن يظن بأحد خيرا حتى يعرف ذلك منه (1).
ثم قال: ولم يتحصل من ذلك كله إلا الجزئية. والإجماع على الكلية غير ثابت، للاختلاف في كثير من المقامات: كالشهادات، والروايات، والأخبار، وأقوال ذي اليد، والعمل في الطهارة والنجاسة، والمنازعات، والمطاعم، والمشارب، فيختلفون فيه ولا يتمسكون بالقاعدة إلا في قليل.
ثم قال: والاستقراء معارض بمثله، والأخبار الخاصة في المقامات يعارضها أكثر منها في مقامات اخر فلا دليل على الكلية. هذا مجمل كلامه زيد في إكرامه (2).
ولا يخفى أن ظاهر الأصحاب كون حمل أفعال المسلمين على الصحة من الضروريات، ولو كان لذلك مخصص لنبهوا عليه، فلابد من التأمل في المراد حتى يرتفع هذا الإشكال.
فنقول: لو كان المراد من هذا الأصل: أن المسلم إذا فعل فعلا أو ذكر قولا فينبغي أن يبنى على أنه هو الواقع فيكون فعله مبنيا للواقع حتى يعلم خلافه وكذلك قوله، فهذا المعنى قابل لوجهين:
أحدهما: أنه يبنى على كونه الواقع بالنسبة إلى نفس الفاعل، بمعنى كون الواقع عنده ذلك، فيكون غير مخطئ في فعله ولا كاذب في قوله، فيبنى في كل ذلك على أنه ذكر وفعل ما هو الواقع عنده، سواء كان واقعا في الواقع أو خطأ أو نسيانا أو غير ذلك، فيكون حملا لرفع الإثم والمعصية عن المسلم، بمعنى: أن كل ما رأيت من المسلم فعلا أو قولا فلا تبادر إلى قدحه وإلى تكذيبه، بل كل ما يمكن أن يكون له احتمال صحته فابن عليه، فإن كان للموضوع قيود وخصوصيات محتملة رافعة