وثانيها: أن ذلك مناف لمشروعية الدوال واعتبارها، إذ الغرض منها - كما مر - قطع التجاذب والتنازع، ولا ريب أنه لا يرفع بالفعل الظني.
وثالثها: أنه لا ريب في أن الأصل في كل معاملة الفساد إلا ما دل عليه الدليل، ولا ريب أن أدلة العقود والإيقاعات بأجمعها لا تنصرف إلا إلى ما هو المدلول عليه بشئ صريح الدلالة، بل لا يعد ما هو مظنون الدلالة بيعا وصلحا وطلاقا ونحو ذلك، فيبقى تحت الأصل الأولي من الفساد، وذلك واضح.
الثاني: في الفعل المشكوك، ولا ريب أن الوجوه الدالة على عدم كفاية المظنون تدل عليه، بل بالأولوية، ومقتضى الأصل عدم ترتب الآثار إلا بمؤثر، وليس المشكوك فيه منه (1) بل كل ما ذكرناه من الأدلة على اعتبار الدال على العقد القلبي يدل على عدم كفاية المشكوك، لأنه (2) ليس دالا في الحقيقة، لأنه مجمل.
الثالث: في الفعل الصريح الدال على المطلوب، ويعبرون عنه في الفقه بالمعاطاة، وهو قد يكون من جانب مع القول من آخر، وقد يكون من الجانبين (3) ويكون في عقود المعاوضات وغيرها، ويكون في الإيقاعات، إذ المناط حصول الفعل الدال على النكاح والطلاق والعتق والإقرار أو البيع (4) والرهن ونحوه، فتذكر في الأقسام حتى تكون على بصيرة.
والغرض من ذكر الأمثلة مراعاتها، ليعلم انطباق الدليل عليها.
فنقول: إن البحث في المعاطاة يقع في مقامات:
بالنظر إلى ملاحظتها في الإيقاعات والعقود المجانية والمعاوضة وغيرها.
وبالنظر إلى ملاحظة إفادتها الإباحة أو الملك لزوما أو جوازا.
وبالنظر إلى وقوعها من أحد الجانبين أو منهما معا.
وبالنظر إلى كونها عقدا مستقلا أو ملحقا بكل باب من العقود.