من الأدلة على احترام ذلك كله للمسلم أو المسالم الذي أقره الشارع على دينه، إلا في مقامات دل الدليل على خلافه (1).
وإنما البحث في موضوع الإتلاف بحيث يتنقح به معناه وينطبق على موارده.
وذكر الأصحاب: أن الإتلاف قد يكون بالمباشرة، وقد يكون بالتسبيب.
والمراد بالمباشرة: إيجاد علة التلف، كالقتل والأكل والإحراق. والتسبيب: إيجاد ما يحصل عنده التلف، لكن بعلة أخرى إذا كان السبب مما يقصد لتوقع تلك العلة، كحافر البئر، وفاتح رأس الظرف، والمكره - بالكسر - على الإتلاف، ونحو ذلك.
وقالوا: إن المباشر والسبب لو اجتمعا فالضمان على المباشر، إلا في صورة الإكراه في غير النفوس، فإن الضمان فيها على المكره بالكسر، لضعف المباشر.
وذكر بعضهم - كالشهيد على ما يظهر من عبارته في اللمعة (2) - الغرور أيضا، وظاهره أن الضمان يصير على الغار دون المغرور. وفيه كلام يأتي.
هذا محصل كلامهم في مسألة الإتلاف، وعليه يدور مدارهم في جميع مباحث الاتلافات التي ذكرناها سابقا.
والذي ينبغي أن يقال: أنه لا عبرة بكون المتلف مباشرا أو سببا أو نحو ذلك، فإنهما لا يختصان بمرتبة، بل قد يكون سببا وسبب سبب، وقد يترامى السلسلة وتتباعد. ولما كان منشأ الضمان إنما هو الإتلاف - على ما يظهر من النص والفتوى - فالمدار على صدق المتلف عرفا، وتحديدهم بالمباشر والسبب ونحو ذلك إنما هو لضبط ما يصدق عليه العرف، وإلا لم يدل دليل على المباشرة والتسبيب وتقدم أحدهما على الاخر عند الاجتماع، فينبغي أن يجعل المعيار الصدق العرفي، فربما يصدق على المباشر دون السبب، وربما يصدق عليهما معا، وربما يصدق على السبب دون المباشر، وقس على ذلك ترامي سلسلة (3) الأسباب والمباشرين.
وما ذكروه من الأمثلة في هذا المقام - كما نشير إليها - ليس لبيان حكم