ولا يختص الإتلاف أيضا بالأعيان، بل يجئ في المنافع، فإن إتلاف منافع الأبدان والأعيان المملوكة بتفويت أو باستيفاء داخل في باب الإتلاف، وكذا تفويت منافع البضع بمعنى استيفائه، فإنه لا يضمن (1) بمحض الفوات - والوجه سيذكر - فإنه نظير منافع الحر، وقد ذكرنا أنه لا يدخل تحت اليد بالمعنى الذي ذكرناه، فإذا استوفيت منافعه فهي مضمونة، إن شئت قلت: لليد، وإن شئت قلت:
للإتلاف، فإن استيفاء المنفعة كأكل الطعام. وأما مع عدم الاستيفاء فهو داخل في الإتلاف لو حبسه، لأنه تفويت.
ولا ريب في ضمانه (2) في منفعة العبد ونحوه من الحيوانات المملوكة. وأما منفعة الحر ففيها الكلام السابق في ضمان اليد، بأن نقول: هنا لم يتحقق إتلاف، لأن منافعه تحت يده، وهو أولى وأقرب إلى منفعة (3) من غيره، وقد فاتت المنافع لنفسها (4). أو نقول: إن أدلة الإتلاف لا تنصرف إلى مثل ذلك ونحوه. ويقوى الإشكال لو كانت منفعته زمان الحبس مملوكة لغير الغاصب بإجارة ونحوها، فإنه يقوى جدا تسلط المستأجر على الغاصب في ضمان عوض المنفعة مع كون الأجير باذلا نفسه في تلك الحالة، لأنه أتلف منفعته وملكه.
ولو كان أجيرا لنفس الغاصب في ذلك الزمان المعين الذي حبسه فيه، فقد ذكروا: أن ضمان المنافع على الغاصب إذا كان المحبوس باذلا نفسه للعمل (5) ولعله لصدق (الإتلاف) على نفس الغاصب، فكأنه أتلف مال نفسه، ويلزم على ذلك الضمان عليه في الصورة السابقة، ولم أجد لهذا الفرق في كلامهم وجها يركن إليه وإن كان الوجه المتخيل ظاهرا في النظر.
وبالجملة: إتلاف منافع الحر بالغصب لو كانت مملوكة للغير بإجارة ونحوها فلا أستبعد ضمانها مع تعين الزمان. وأما لو لم تكن مملوكة لغير الحر نفسه ففيه الكلام السابق، وينبغي التأمل فيه، فتدبر.