بالنسبة إليه بعد توسط رجل قاصد في البين، على إشكال في ذلك، سيما مع كون قصد المكره - بالكسر - الإكراه على الحيازة للمكره - بالفتح - لا لنفسه، فإنه لا يصدق عليه أنه حاز قطعا. نعم، لو أكره للحيازة لنفسه فلا يبعد صدق دليل الحيازة بالنسبة إليه، وكون المكره كالآلة حينئذ. وبالجملة: فلا يملكه المكره - بالفتح - بمجرد حصول الحيازة. نعم، لو حصل له الرضا بعد ذلك فالظاهر حصول الملك له، لصدق الدليل، لأنه حيازة مع الرضا، كما سيأتي توضيح ذلك في العقود.
وبالجملة: يصدق عليه: أنه حاز شيئا وأحيى أرضا، وقد كان المانع من الصدق عدم الرضا وقد حصل. وليس ذلك كقام بعد القعود، حيث لا يصدق لو حصل الرضا بالقيام السابق بعد القعود أنه قام، لعدم كونه سببا لشئ، مع كونه زائلا بطريان ضده، ولو كان في أثناء قيامه عن إكراه رضي بالقيام يصدق أنه قام بقول مطلق، فتدبر. والظاهر أن الرضا يكشف عن الملك بالحيازة، لأنها السبب وهو شرط، فإذا حصل أثر السبب.
وأما في الإيقاعات والعقود فالاختيار شرط في صحتها أيضا في الموقع والمتعاقدين، نظرا إلى أن المتبادر من أدلة الإيقاع والعقود أيضا أنواعا وأجناسا ما حصل فيه التراضي، فلا يشمل ما كان عن إكراه، ولقوله تعالى: لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض (1) وهو صريح في أن ما لا رضاء فيه فهو أكل بالباطل، ولقوله عليه السلام: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه) (2) (وغير ذلك مما دل على الإجازة في باب الفضولي، وعلى الاستئذان في غير ذلك.
نعم، إنما البحث في أن مقارنة الرضا شرط، أو هو أعم من حصوله لاحقا ومقارنا، فلو لحق الرضا في صورة الإكراه صح أيضا.
ظاهر الأصحاب: أن الإيقاعات - كالشفعة والطلاق والظهار واللعان والإيلاء والنذر والعهد واليمين والعتق والإقرار، ونحو ذلك - لا يصير مراعى (3) بحصول