مضافا إلى أن كلمة (البر) و (التقوى) في هذه الآية مفرد محلى باللام، ولا عموم فيه حتى يشمل المقام وإن فرض كونه من البر والتقوى، وغايته: إطلاق ينصرف إلى ما هو الشائع في إطلاق البر والتقوى عليه من المندوبات والأعمال الصالحة، وما نحن فيه ليس منه قطعا. ولو سلم كون البر والتقوى عامين، فنقول:
المعاونة ليست عامة، بل هي أيضا مطلقة، وكل معاونة لا نسلم كونها مأمورا بها.
وبالجملة: فالاستدلال بهذه الآية على ولاية العدول خال عن الوجه، ومثله ما بمعناه من أدلة الحسبة.
نعم، بقي هنا شيئان يمكن التمسك بهما:
الأول: ما مر من خبر الوصية (1) فإن ظاهره كون ذلك بيانا لحكم شرعي، وهو جواز مباشرة العدول وتسلطهم على ذلك.
ولو أورد عليه بظاهره، فإنه (2) قاض بالجواز وإن أمكن الرجوع إلى الحاكم، أجبنا عنه بأن المطلق يقيد، بمعنى: أنه يجوز تصرف الثقة مع عدم وجود الولي العام أو الخاص مع أن سياق الخبر دال على اعتبار عدم وجود ما هو المرجع في مثل ذلك التصرف، فيكون تقيدا لا تقييدا.
ولو أورد (3) بأنه لا عموم فيه، ولعله ينزل على صورة لزوم التصرف والاضطرار إليه لنفقة ونحوها بحيث لا يمكن التأخير إلى التمكن من الحاكم، فإن ذلك لا بحث في جواز التصرف فيه، كما مر ذكره.
قلت: ظاهر الخبر في مطلق الوصية، ومن البعيد جدا كون كل واحد من التصرفات فيها فوريا لا يمكن تأخيره إلى التمكن من الحاكم، فلا شبهة في وجود المضيق والموسع في مورد السؤال عادة، وترك الاستفصال من المعصوم دال على التعميم، وهو جواز تصرف العادل مع عدم وجود من ينبغي أن يرجع إليه، سواء كان من الأمور التي لو أخرت يمكن فيه الوصول إلى الولي - كالإمام ونحوه - أو من الأمور التي لا يجوز فيها التأخير. وبالجملة: تنزيله على ما لا يمكن التأخير فيه في كمال الصعوبة.
ولو أورد بأن الخبر وارد في الوصية مع عدم وجود الوصي، وهذا مما علم عدم إمكان التمكن من الولي، لأن الإمام في ذلك الوقت لم يكن مبسوط اليد،