ملاحظة سنده، وهو قوله صلى الله عليه وآله (1): (الإسلام يعلو ولا يعلى عليه) (2) فإنه من الكلمات الجارية مجرى القاعدة، ك (لا ضرر ولا ضرار) ونحوه، فلا وجه للبحث في سنده، وإنما الكلام في الدلالة.
فإن قلنا: إن دلالته على نفي السبيل مما يكشف عنها فهم الفقهاء - لأنهم يستدلون به في هذه المقامات من دون نكير، وهو من أعظم القرائن على معرفة المراد - فلا بحث، إذ مقتضاه كون المراد من الخبر: عدم تسلط الكافر على المسلم.
وإن بنينا على تتميم الدلالة على قواعد الألفاظ، فنقول: إن الخبر دل على أن الإسلام يعلو على غيره، لأن المتعلق محذوف، فإما أن يراد مطلق الغير، سواء كان كفرا أو واسطة بين الكفر والإسلام لو قلنا بالواسطة، أو يراد به الكفر بخصوصه بقرينة المقابلة، فيكون المراد، الإسلام يعلو على الكفر والكفر لا يعلو عليه وقوله:
(ولا يعلى عليه) تأكيد لبعض ما استفيد من العبارة الأولى، فإن المستفاد من الأولى أنه يعلو، وهو ناف لعلو الكفر وناف لمساواته أيضا، فإن علو الإسلام قاض بانحطاط الكفر، والجزء الثاني ناف لعلو غيره عليه أو لعلو الكفر عليه - على الوجهين - وهو أحد جزئي العبارة الأولى، وورود التأكيد لأحد الجزءين لا يدل على أن المراد بالعبارة الأولى أيضا ذلك حتى يقال إن الرواية إنما قضت بأن الإسلام لا يعلو عليه غيره، ولم تدل على عدم المساواة.
وبالجملة: دل الخبر بجزئيه على عدم علو الكفر، وبجزئه الأول على عدم مساواة الكفر معه، فلم يبقى إلا علو الإسلام.
فنقول: إن كان المراد بالعلو: علو الشرف والرتبة لأنه سبيل للنجاة دون سائر الأديان، فلا ريب أن هذا خلاف ظاهر لفظ (العلو) فإن المتبادر منه العلو الحسي، أو ما يقرب منه الاستيلاء والتسلط، مضافا إلى أنه ينبغي على هذا أن يقال:
(الإسلام عال) ولا ينبغي أن يقول: (يعلو) مع أن ذلك في الحقيقة يصير بيانا لما