بعد قوله: (لي عليك عشرة) فإن العطاء فرع كونه كما قال، ولذلك عقد الأصحاب هنا بابا لتمييز الإقرار عن غيره. وليس اختلافهم في ألفاظ الإقرار اختلافا في الحكم، ولا مستندا إلى دليل خاص، بل الظاهر أنه نزاع في كون ذلك إقرارا وعدمه.
وقد أطال في ذكر الأمثلة جماعة من أصحابنا - كالعلامة (1) وغيره - والميزان: صدق كونه إقرارا وإثباتا بدلالة معتبرة من اللفظ، مقصودة في الظاهر.
وكلما شك في صدق الإقرار عليه فالأصل عدم ترتب الحكم عليه، ولا يحتاج بعد ذلك إلى تتبع الجزئيات، إذ كيفيات الفهم وقرائن الكلام مما لا تنضبط.
ولكن ينبغي أن يعلم: أن الميزان هو فهم المراد عرفا، وإن كان بلزوم عرفي، لا فهم المراد بغير ما يفهمه العرف، فإنه ليس بحجة وإن كان لازما عقلا.
ومن ذلك يتضح الحكم فيما وقع بينهم من النزاع في أن المدعى عليه - مثلا - لو قال: (إن شهد علي فلان فهو صادق) فهل يكون إقرارا؟ - كما زعمه بعضهم - نظرا إلى أن هذا الكلام مستلزم لثبوت الحق في الواقع عقلا، فإقراره بهذا الكلام إثبات للحق، لأنه مستحيل الانفكاك، إذ كلما لم يكن الحق ثابتا في ذمته لم يكن فلان صادقا على تقدير الشهادة، وهذه المقدمة قطعية وجدانية، فبعكس النقيض:
كلما كان صادقا على تقدير الشهادة فالحق ثابت في ذمة المقر، والمقدم ثابت بإقراره، فكذا التالي.
أو لا يكون إقرارا؟ لأن العرف لا يعدون هذا إقرارا بالاشتغال، بل يستعملونه غالبا في مقام التعليق على الامتناع، ويريدون به: أنه لا يشهد على ذلك أصلا.
ومن ملاحظة ذلك يظهر لك: أن المدار ما يسمى في العرف إقرارا، وما نحن فيه ليس منه، واللزوم العقلي غير نافع.
وثانيها: أن الإقرار يكون بالإشارة المفهمة عند العجز عن الكلام، للصدق