أيضا بعد بلوغه غير مستجمع لتلك الصفات الكمالية، فجعل الثواب للثاني دون الأول ترجيح للمرجوح على الراجح. إلا أن يقال: إن الصبي لو كان معتقدا لحصول الثواب فهو خارج عن محل البحث والنزاع، إذ البحث في الحكم الواقعي وفي أنه هل هناك ثواب أم لا؟ وبعد عدم ثبوت خطاب الشارع له فلا ثمرة في جمع الشرائط والأجزاء، فتأمل.
وثامنها: أنه قد ورد الأمر على الأولياء أن يأمروا الأطفال بالعبادة، كقوله صلى الله عليه وآله: (مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع) (1). ولا ريب أن الأمر بالأمر أمر بالثالث على العمل عرفا، كما إذا قال زيد لعمرو: قل لبكر أن يفعل كذا، فإنه أمر لبكر بذلك، بحيث لو أطلع بكر على كلام زيد من دون أمر عمرو بل من خارج لزمه الامتثال، ولو خالف لاستحق العقاب، وليس معناه: أن بكرا مأمور من عمرو، لا من زيد، وذلك في العرف واضح. ومثله قوله تعالى: وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن (2) فإن ذلك أمر للعباد من الله تعالى - والمسألة محررة في الأصول - ويكون (3) الصبيان أيضا مأمورين من الشارع بالعمل، ولازمه الثواب، وهو معنى الشرعية.
وأما قياس العقاب على الثواب فليس في محله، إذ سبب رفع العقاب إنما هو اللطف والرحمة مع عدم كمال العقل في الصبي، وهو سبب في وجود الثواب لا في ارتفاعه وعدمه.
وأما حديث (رفع القلم) فنقول (4): إنه لا يدل على نفي الثواب والمطلوبية مطلقا، بل الظاهر منه: إما نفي العقاب كما هو غالب استعماله في العرف، فإن أهل العرف إذا قالوا: (فلان مرفوع القلم) لا يريدون به إلا عدم المؤاخذة عنه في أفعاله وتروكه. وإما عدم وجود جزاء على عمله المستحسن فلا دليل في (رفع