العناوين الفقهية - الحسيني المراغي - ج ٢ - الصفحة ٦٧٦
ومنها: الخبر الآخر: إذا بلغ الغلام أشده جاز له كل شئ، إلا أن يكون ضعيفا أو سفيها (1).
ووجه الاستدلال: أن جواز الأمر عبارة عن النفوذ والصحة، والشراء والبيع حقيقة في العقد والتمليك، وقد علق في هذه الأخبار على البلوغ، ومفاهيمها تدل على عدم الجواز والنفوذ قبل البلوغ، وهو المدعى.
وقد يقال: إن المتبادر منها: كون الحجر والمنع من التصرف في ماله، وأما كونه عبارة مسلوبة (2) ولو بالوكالة والأذن، فلا. ولكن الظاهر من الخبر كون الصغر مانعا عن صحة المعاملات، ولا مدخلية لماله أو غيره في ذلك، مضافا إلى عدم القول بالفرق بين ماله ومال غيره.
ولو قيل: إن المتبادر من النصوص جواز الأمر على الاستقلال فلا يدل على عدم الصحة مع إذن الولي.
قلنا: إن كان المراد من جواز أمره في البيع والشراء: نفاذه وصحته - كما ذكرناه - فنقول: هو أعم من إذن الولي وعدمه، وليس فيه انصراف إطلاق، خصوصا مع كون الغالب في معاملات الأطفال رضاء الأولياء. وإن كان المراد من جواز الأمر: جواز أمر الولي له في البيع، فوجه الدلالة واضح، لأن مفهومه أن الولي لا يجوز له أن يرخصه في المعاملة ما لم يبلغ، وليس إلا لعدم أهليته، فتدبر.
وأما اختصاصها باليتيم، فلا إشكال فيه، لعموم الخبر الأخير، وعدم القول بالفرق بين اليتيم وغيره، وظهور كون العلة الصغر لا اليتم، ولا المجموع المركب، فتأمل.
وليس في الباب خلاف إلا من الشيخ رحمه الله - ونسب إلى بعض أيضا - أن من بلغ عشرا يجوز بيعه ونحو ذلك من تصرفاته مع كونه عاقلا (3).

(١) لم نعثر عليه باللفظ المذكور، انظر ذيل الحديث السابق، ومستدرك الوسائل ١: ٨٧، الباب ٤ من أبواب مقدمة العبادات، ح ٨.
(٢) كذا في أصول النسخ، وصححها مصحح (م) هكذا: (كون عبارته مسلوبة).
(٣) قال السيد المجاهد قدس سره - في عداد الأقوال -: الثاني أنه يصح بيع البالغ عشر سنين رشيدا، وكذا شراؤه، وهو للمحكي عن الشيخ، المناهل: ٢٨٦. وقال صاحب الجواهر في المسألة - بعد نسبة عدم الصحة إلى الأشهر بل المشهور - ما لفظه: بل لا أجد فيه خلافا عدا ما يحكى عن الشيخ، ولم نتحققه، بل صرح في المحكي عن المبسوط والخلاف بعدم صحة بيع الصبي وشرائه، أذن له الولي أو لم يأذن، نعم قال في أولهما: (وروي أنه إذا بلغ عشر سنين وكان رشيدا كان جائز التصرف) وظاهره عدم العمل بها، فصح حينئذ للفقيه نفي الخلاف في المسألة على الإطلاق، الجواهر ٢٢: ٢٦٠.
(٦٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 671 672 673 674 675 676 677 678 679 680 681 ... » »»
الفهرست