ومنها: الخبر الآخر: إذا بلغ الغلام أشده جاز له كل شئ، إلا أن يكون ضعيفا أو سفيها (1).
ووجه الاستدلال: أن جواز الأمر عبارة عن النفوذ والصحة، والشراء والبيع حقيقة في العقد والتمليك، وقد علق في هذه الأخبار على البلوغ، ومفاهيمها تدل على عدم الجواز والنفوذ قبل البلوغ، وهو المدعى.
وقد يقال: إن المتبادر منها: كون الحجر والمنع من التصرف في ماله، وأما كونه عبارة مسلوبة (2) ولو بالوكالة والأذن، فلا. ولكن الظاهر من الخبر كون الصغر مانعا عن صحة المعاملات، ولا مدخلية لماله أو غيره في ذلك، مضافا إلى عدم القول بالفرق بين ماله ومال غيره.
ولو قيل: إن المتبادر من النصوص جواز الأمر على الاستقلال فلا يدل على عدم الصحة مع إذن الولي.
قلنا: إن كان المراد من جواز أمره في البيع والشراء: نفاذه وصحته - كما ذكرناه - فنقول: هو أعم من إذن الولي وعدمه، وليس فيه انصراف إطلاق، خصوصا مع كون الغالب في معاملات الأطفال رضاء الأولياء. وإن كان المراد من جواز الأمر: جواز أمر الولي له في البيع، فوجه الدلالة واضح، لأن مفهومه أن الولي لا يجوز له أن يرخصه في المعاملة ما لم يبلغ، وليس إلا لعدم أهليته، فتدبر.
وأما اختصاصها باليتيم، فلا إشكال فيه، لعموم الخبر الأخير، وعدم القول بالفرق بين اليتيم وغيره، وظهور كون العلة الصغر لا اليتم، ولا المجموع المركب، فتأمل.
وليس في الباب خلاف إلا من الشيخ رحمه الله - ونسب إلى بعض أيضا - أن من بلغ عشرا يجوز بيعه ونحو ذلك من تصرفاته مع كونه عاقلا (3).