المطالبة، وبينه وبين الاخذ إذا أراد الاخر الدفع بون بعيد، فأي تكليف بما لا يطاق يلزم من ذلك حتى يتعطل الأمر ويمتنع الجمع؟
وثالثا: يمكن القول بعدم كون النفي معارضا للأثبات، غايته: أنه لا يدري أن له حقا عليه والمقر يثبته، وهو لا ينافي عدم علم المقر له، فيمكن الحكم بوجوب الدفع وجواز المطالبة أيضا إذا رجع المنكر عن إنكاره وقال: (أطلب منك ما أقررت به) كما في الرجوع على العين التي أنكرها. وبالجملة: يحتاج تنقيح هذه المسألة إلى بسط مقال وشرح حال، يمنعنا عنه الاستعجال.
وخامسها: أن الإقرار في ضرر الغير لا عبرة به لو انفرد واستقل من دون مدخلية ضرر نفسه، وأما لو تركب من ضرر نفسه وضرر غيره:
فمرة: يكون الفرض قابلا للانفكاك، كما لو أقر أحد الشريكين في دار أن نصف هذه الدار لزيد، فيصير الضرر على نفسه دون شريكه ويفكك الحكم، فالشريك يأخذ نصفه تماما، ويبقى النصف الآخر بين المقر والمقر له أثلاثا أو بالتنصيف، على الوجهين في محلهما. وكذلك لو أقر ببيع حصته وحصة شريكه، فإنه يمضي في حصة نفسه.
ومرة لا يكون أصل الشئ الذي أقر به في ذاته قابلا للانفكاك وإن كانت الآثار واللوازم قابلة للتفكيك، كالإقرار بأني بعت لزيد فإنه لا ينفك عن كون شئ مشترى (1) في الواقع، وكالإقرار بالزوجية وبالبنوة - ونحو ذلك من الأمور الارتباطية الغير القابلة للتفكيك - وظاهر الأصحاب في ذلك أيضا إجراء أحكام الزوجية والنسب ونحو ذلك على المقر دون المنكر، فيفككون أيضا بحسب الأحكام.
والوجه فيه: أن ترتب هذه الأحكام لا يدور مدار وجود الموضوع في الواقع، بل المعتبر الثبوت ولو شرعا، فإن ما ثبت بالبينة كما لو علم في الواقع، مع احتمال كذب الشهود، فمتى ما جعل الشارع الإقرار سببا لترتب الحكم على المقر كان