والثالث: قوله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى (1) وأقله الاستحباب، فضلا عن الجواز، والمفروض: أن فرضنا هذا داخل في الإعانة على البر من دون شبهة، وغير ذلك من أدلة الحسبة والمعروف، كلها دالة على ذلك.
والرابع: خصوص الخبر في باب الوصية - في من مات ولم يعين وصيا - قال عليه السلام ما معناه: (إن قام رجل ثقة فباشر ذلك، فلا بأس به) (2) وإذا ثبت في هذا الباب فلا قائل بالفرق. ولا يرد الإشكال في أن ذلك إذن من الإمام عليه السلام والكلأ م فيما إذا لم يكن هنا حاكم، لأن الظاهر من الخبر كونه بيانا للحكم الشرعي، لا إذنا في واقعة خاصة، وله نظائر كثيرة، منها قوله: (من أحيى أرضا ميتة فهي له) (3) فإنه حكم، لا إذن في الأحياء، فتبصر.
والخامس: ظهور إجماع الأصحاب على الجواز من دون نكير، كما يظهر بالتتبع.
السادس: أن هذه الواقعة لا بحث في كون واحد مكلفا أو مرخصا في مباشرتها من الشارع، لما قرر أن الواقعة المحتاج إليها قد جعل الشارع ما هو المخلص والمناص قطعا فيه (4) وحيث لا تعيين فيتخير الكل في ذلك كفاية، ومنهم عدول المؤمنين، ثم نقول: قد دل الشرع على عدم ولاية الكافر وعدم أمانة الفاسق مطلقا، فلا يجوز كونهم (5) مرخصين من الشرع في ذلك، فينحصر في عدول المؤمنين، وهذا مما لا كلام فيه.
وثانيهما: في وجوب مباشرتهم في الصورة المذكورة. والحق ذلك، لظاهر إجماع الأصحاب على ذلك، ولظاهر آية المعاونة وإن خرج منها ما خرج، ولأن كل ما جاز وجب، وإلا لزم الحرج والمرج في النظام، سيما في أغلب البلاد الخالية عن وجود حاكم الشرع، فتدبر.
وإذا عرفت هذا فنقول: هل للعدول ولاية إذا تعذر الحاكم مطلقا فلا يحتاج إلى فرض صورة اللابدية والاضطرار، أو لا؟