بالأذن، لكن لا مالية لها، فلا يجوز وقوع مثل ذلك في عقود المعاوضات كالبيع والصلح والنكاح ونحو ذلك.
وبالجملة: كل شئ لا مالية له لا يكون عوضا في المعاوضات، وأما وقوعه في العقود المجانية - كالهبة والعطية ونحو ذلك - فربما قيل بأنه يصير واقعا في هذه العقود ما لا يقع في باب المعاوضة. وليس ببعيد، إذ التمليك المطلق يتعلق بحبة الحنطة كما يقع الغصب فيه ونحو ذلك، وإن كان في شمول أدلة الهبة ونحوها لمثله نظر ظاهر.
الثاني: أن عقود الأعمال - كالإجارة والجعالة والوكالة ونحوها - إنما تدور مدار كون العمل مقصودا للعقلاء، وليس كل عمل يتعلق به هذه العقود، فما يعبث به الجهال من الأعمال الغير المقصودة للعقلاء - كالذهاب إلى الأماكن الخطرة ورفع صخرة ونحو ذلك - لا تتعلق به المعاملات، لعدم وجود نفع يعتد به، ولهذا لو فرض في هذه الأفعال ما يخرجها عن اللغوية ولو بالعارض يصير (1) كباب السبق والرماية الذي رخص الشارع فيه لمصلحة نظام الجهاد، مع أنة في الحقيقة نوع من القمار.
الثالث: أن العقد المتعلق بما في الذمة - كالرهن والضمان والحوالة - لابد من تعلقه (2) بشئ ثابت في الذمة حين العقد، بخلاف ما يتعلق بالذمة بعد ذلك بسبب - كدية العاقلة قبل حلول النجم، أو نفقة الزوجة، أو نظائر ذلك - فإنه مما لم يتعلق بعد بالذمة، فلا وجه لتعلق العقد بها، لأنها معدومة صرفة.
وأما التفصيل، فنقول: لا كلام في أن البيع لا يتعلق إلا بالأعيان، ولذا يقولون:
أن البيع ناقل الأعيان، فلا يقع المبيع منفعة ولا حقا ولا انتفاعا. وأما الثمن فلا يكون أيضا حقا، لأن البيع من عقود الأموال، والحق ليس مالا في نفسه وإن تعلق بالمال في بعض الأفراد، ولا يكون انتفاعا أيضا بالأولوية، لأنه من عقود التمليك، ولا ملك حقيقة في الانتفاع، بل هو نوع تسلط.