فضلا عن عامي! فكيف يمكن القول بعدم جريان هذه الأحكام مع عدم القصد؟
وثالثها: إطلاق ما دل على ترتب هذه الأحكام لهذه العقود من دون تقييد بالعلم والقصد، ولا ريب أن اسم العقد واسم البيع والطلاق والعتق ونحو ذلك يتحقق بقصد الأركان، فاللازم شمول الأدلة الدالة على ترتب الأحكام على هذه الأسامي عموما وخصوصا لما نحن فيه، فلا وجه لهذه الشرطية.
وبالجملة: لم يعرف من نص ولا فتوى اعتباره في ذلك، ولو عرض شبهة في ذلك من جهة هذه القاعدة المطلقة فإنما هو من قصور الفهم أو قلة التدبر، فإنه لا ربط لها بمسألة الأحكام واللوازم.
ورابعها: أن يكون العقد تابعا للقصد، بمعنى أن يكون كل ما قصد من العقد فينبغي تأثير العقد فيه، وهذا لو اتفق في الأركان من العوضين أو الإيجابين أو المتعاقدين فلا شبهة فيه، فإن كل ما تعلق فيه القصد فهو مورد العقد دون ما عداه، ويلزمه التأثير مع اجتماع سائر الشرائط.
وأما لو تعلق بأمور خارجية، فإن كان قصد ما يترتب على العقد بحكم الشرع من الآثار واللوازم الخارجية - كما مثلناه - فلا بحث في صحته وحصوله، لكن من حيث أصل الشرع، لامن حيث هذا القصد، بمعنى أنه لو لم يكن قاصدا أيضا لكان ذلك كذلك، وليس العقد فيه تابعا للقصد، بل بالعكس. وإن كان قصد ما لا يترتب على العقد لو خلي ونفسه فهل يتبعه العقد، بمعنى أنه يؤثر فيه باعتبار هذا القصد أولا؟ وفيه قسمان:
أحدهما: أن يقصد عدم ترتب ما يترتب لو خلي ونفسه، كقصده عدم النفقة في النكاح الدائم، أو عدم الشفعة في محلها، أو نظائر ذلك. وبعبارة أخرى: أنه يقصد في المعاملة أو في الإيقاع عدم ترتب بعض أحكامه الشرعية التي لو لم يقصد عدمه لترتب جزما.
وثانيهما: أن يقصد ترتب ما لا يترتب لو خلي بلا قصد، كقصد النفقة والأرث في المنقطع، وقصد خيار الفسخ في النكاح بغير أسبابه المعهودة، وقصد الخدمة في