محضة فتجري فيه الإقالة (1) وظاهرهم أنه متى ما لم يكن فيه جهة تعبدية - كالنكاح الذي دل عليه الدليل - فلا مانع من الإقالة، وهو يرشد إلى أن المناط منقح بين البيع وغيره من المعاوضات، حتى في مثل الشفعة أيضا، وإن كان في جريانها في مثل الضمان نظر فإن ذمة الضامن متى ما اشتغلت فيشكل الحكم بانتقال الحق من ذمته إلى ذمة المضمون عنه إلا بضمان جديد، وكون الإقالة فيه أيضا موجبا لذلك محل نظر، لكن في باب المعاوضات العينية أو غيرها فالمناط منقح.
ويمكن التمسك بظهور الإجماع أيضا على ذلك، فإن الأصحاب في كل عقد لازم سوى ما خرج ذكروا: أنه يبطل بالتقايل، ولم يستندوا في ذلك إلى دليل خاص أو عام، وظاهرهم أن القاعدة الأولية (2) أو المؤسسة من دلالة الرواية قاضية بجواز التقايل وبطلان العقد به فيما لم يثبت فيه جهة تعبد، فتدبر. وسيرة المسلمين قديما وحديثا على الإقالة والفسخ مع التراضي في سائر العقود كاشفة عن ذلك.
الثالث: أن الإقالة كما تجري في تمام العقد تجري في البعض أيضا، فيصير البطلان بالنسبة إلى ما وقع فيه التقايل وتصير المسألة نظير البطلان في بعض العقد من أول الأمر، كما في بيع ما يملك وما لا يملك - نحو شاة والخنزير، والخل والخمر - فكما أن فقد الشرط لبعض المبيع يكون مبطلا للعقد بالنسبة إليه ابتداء فكذلك طريان المانع قد يكون مبطلا بالنسبة إلى البعض دون الباقي. والوجه في ذلك: أن العقد - كما قررناه سابقا - ينحل إلى عقود، فكل جزء من أجزاء العقد عقد برأسه، والمراد بأجزاء العقد: أبعاض المتعلق القابل لتعلق ذلك العقد عليه - كما