والوصف؟ وبعبارة أخرى: هل الأوصاف تقابل بالاعواض أم لا؟
ولا يختص الكلام بالبيع، بل يعم سائر المعاوضات العينية وغيرها، حتى أن المنفعة أيضا قد تلاحظ بذاتها - كالسكنى والركوب ونحو ذلك - وقد تلاحظ بالنسبة إلى أوصاف المنفعة - كالاعتبارات التي بها تزيد الرغبة على المنفعة وتنقص - فيصير النزاع في أن كل معوض من عين أو منفعة في العقد هل المقابل بالعوض أصله ومادته، أم هو مع أوصافه؟ وهنا بحثان: أحدهما: بالنسبة إلى سائر الصفات غير وصف الصحة. وثانيهما: بالنسبة إلى وصف الصحة.
فنقول في الأول:
لا ريب أن الصفات مما يوجب زيادة في القيمة ونقصا فيها، فإن الحنطة - مثلا - إذا كانت حمراء لها قيمة، وإذا كانت صفراء فلها قيمة أخرى، وقس على ذلك غيرها من الأعيان الاخر، فإنها تتفاوت قيمتها بملاحظة كونها في مكان دون آخر، أو في زمان دون آخر، وفي الأعيان المعمولة بالنسبة إلى كون عاملها الشخص الفلاني أو غيره.
فكون الأوصاف مما تختلف بها القيم مما لا شبهة فيه، ومن هنا يعتبر في التخلص عن الغرر والجهالة ذكر الأوصاف التي تتفاوت بها الرغبات - كما نذكرها في مسألة الغرر - وإذا خرج المعوض على خلاف الوصف يتسلط العاقد على الفسخ - كما ذكروه في خيار الوصف - اعتمادا على أدلة نفي الضرر، كما نبهنا عليه في تلك القاعدة.
لكن الظاهر من الأصحاب الاتفاق على أن الأوصاف بأنفسها غير مقابلة بالعوض بحيث يكون قسط من الثمن بإزائها، بل المعوض عبارة عن جوهر الشئ ومادته، وأما اعتباراته وأوصافه فهي موجبة لزيادة القيمة ونقصانها، لا أنها أيضا جزء من المعوض، ولذلك نصوا على أن فوات الأوصاف لا يوجب التبعيض في الصفقة، بل يوجب الخيار نظرا إلى لزوم الضرر، لكنه لم يفت من المعوض جزء حتى يسقط من العوض شئ في مقابله، ومجرد اختلاف القيمة