وسادسها: أن الإقرار بالشئ إقرار بلوازمه على ما يظهر من كلمة الأصحاب.
واللوازم قسمان: لوازم المدلول في الوجود، ولوازمه في الحكم.
أما لوازم الوجود - بمعنى ما لا يتحقق المقر به إلا بتحققه - فكما ذكر من قولك: (رددت عليك) في جواب من قال: (إني أطلبك عشرة) فإن الإقرار بالرد إقرار بالأخذ واشتغال الذمة، إذ لا معنى لتحقق الرد بدون تحقق الأخذ، فان الإقرار بالرد إقرار بما لا ينفك عنه في الوجود. وربما يسمى ذلك ب: (لوازم الدلالة) باعتبار أن الإقرار بالرد يلزمه الدلالة على الأخذ وإن لم يكن الأخذ مستلزما للرد. لكن ما ذكرناه أوجه، إذ كل ما هو من لوازم المقر به في الوجود يكون داخلا تحت الإقرار وإن لم يكن هناك دلالة عرفية في باب لوازم الوجود وإن كان في بعضها دلالة عرفية أيضا.
وأما لوازمه في الحكم - بمعنى الأحكام الشرعية التي تترتب على الموضوع المقر به - فهي أيضا تثبت بسبب كون الموضوع ثابتا بالإقرار كما يثبت بالبينة وبغيرها، ومتى ما ثبت الموضوع ثبت أحكامه بمقتضى الشرع. ولا يلزم في ترتب هذه الأحكام على ذلك كون المقر عالما بالحكم أو قاصدا لذلك، والوجه واضح، لأن ترتب الأحكام ليس بالإقرار، بل بخطاب الشرع تكليفيا أو وضعيا، وإنما الإقرار مثبت للموضوع.
نعم، الذي يتوهم فيه الإشكال صورة ما إذا كان الموضوع المقربه مشتركا بين اثنين على سبيل الارتباط مع إقرار أحدهما به دون الاخر - كما في الزوجية والنسب ونحو ذلك - فإن ظاهر الأصحاب حينئذ ترتب الأحكام أيضا على المقر دون المنكر. وذلك مشكل، نظرا إلى أن ترتب الحكم إن كان من جهة إقرار المقر وكونه قاصدا لاشتغال ذمته بهذه الأشياء أو ترتب الضرر عليه فهو غير لازم، لأن قوله: (فلانة زوجتي) لا يستلزم العلم بوجوب المهر والنفقة وغير ذلك من الأحكام، فضلا عن قصدها والإقرار بها، ونحوه قوله: (فلان عبدي) وغير ذلك.
وإن كان من جهة أن الإقرار مثبت للموضوع والأحكام تلحقه بحكم الشرع فهو