فيرجع إلى الظاهر، ولا ريب أنه في الظاهر دخوله تحت العام متيقن، لصدق لفظه عليه قطعا، وصدق المخصص عليه مشكوك، ولا يترك اليقين بالشك، فيحكم فيه بحكم العام عملا بالظاهر مع اشتباه الواقع، وهو المدعى.
وقول (1) بأن الرجوع في ذلك الفرد المشتبه إلى الأصل، فإن كان حكم العام موافقا للأصل كقوله: (كلوا مما في الأرض جميعا إلا الخبيث) فشك في كون شئ من الخبيث وعدمه على طريق اشتباه الموضوع الصرف بعد معرفة مفهوم اللفظين وكان الأمر للإباحة، ألحقناه بالعام. وإن كان حكم الخاص موافقا للأصل كقوله: (اقتلوا المشركين سوى اليهود) فشك في واحد أنه من اليهود (2) أم لا، فالأصل البراءة عن وجوب القتل، أو الأصل حرمة قتل كل نفس سوى ما ثبت، وهذا غير معلوم الدخول تحت أحد الامرين.
وأما القول بأنه يدخل تحت المخصص مطلقا فلا قائل به على الظاهر، لأنه مخالف للأصل على الظاهر، وحيث يكون مطابقا له فليس دخوله تحته، بل تحت الأصل، بمعنى الإلحاق حكما.
والوجه فيه: أن اشتباه الموضوع مع العلم القطعي بعدم خلوه في الواقع عن أحد الأمرين لا يوجب الرجوع إلى ظاهر اللفظ، إذ قد علم عدم إرادة ظاهره من العام فكيف يعمل بظاهره؟ ولا يمكن إدخاله تحته بمعونة أصالة عدم التخصيص، إذ ليس هذا لو اخرج عنه تخصيصا آخر، بل إنما هو فرد من أفراد ما خرج بنوعه، فليس هذا حادثا جديدا حتى ينفى بالأصل. وكثرة أفراد ما هو خارج بنوعه لا يوجب زيادة في التخصيص. وغلبة العام أو (3) أفراده غير موجب للظن بالموضوع الصرف في كونه مرادا من اللفظ حتى يندرج تحت ظواهر الألفاظ.
وإقدام أهل العرف على إلحاقه بالعام في غير ما كان موافقا للأصل محل نظر، بل ممنوع، وإن شئت فلاحظه (4) فيما خالف الأصل حتى يتضح الأمر، فيكون