وقفه فقد رضي في هذا الحين بقبضه أيضا، فلما تحقق العقد تحقق القبض أيضا - بلا تأمل - جامعا للشرائط وإن كان قبل ذلك مغصوبا.
قلت: لا ملازمة بين الرضا بالعقد وعدم الرضا بالقبض، خصوصا فيما كان القبض شرطا للملك، إذ قد يجعل العقد وصلة إلى غرض من الأغراض مع عدم رضاه بالقبض، فاعتبار الأذن ما لم يكن مستصحبا أقوى.
هذا مجمل الكلام في هذا المقام بحيث ينطبق على الموارد ويوضح المرام والله الهادي.
التاسع: أن القبض في المنفعة لا يتحقق إلا بالاستيفاء، فما استوفي فهو مقبوض، وما لم يستوف فهو ليس بمقبوض، إما لأن القبض الحقيقي - وهو الأخذ باليد - يتفاوت بحسب المقامات ويكون في كل شئ بحسبه، وأخذ المنفعة استيفاؤها. وإما لأن المعنى القريب إلى المعنى الحقيقي في المنفعة إنما هو هذا المعنى المذكور، وذلك واضح عرفا.
ولكن هنا إشكال وهو: أن الفقهاء ذكروا في باب الإجارة وغيرها مما يملك به المنفعة - من صلح أو ثمن مبيع أو صداق أو نحو ذلك - أن قبض العين قبض للمنفعة، وفرعوا على ذلك لزوم دفع العوض الآخر بقبض العين من جانب المنفعة، وظاهرهم كون ذلك على قاعدة التقابض الذي ذكرناه من عدم لزوم قبض أحد العوضين إلا بقبض الاخر، مع أن قبض العين ليس قبضا لمنفعتها، بل إنما هو شئ يحصل به قبضها بعد ذلك بالاستيفاء، فهو من مقدمات قبضها على بعض الوجوه، فكيف عدوا ذلك قبضا للمنفعة؟ سيما مع أنهم في مسأله الضمان لو تلفت المنفعة كلا أو بعضا ذكروا: أنه مضمون على المؤجر، لأنه تلف قبل القبض.
فإن كان قبض العين قبضا للمنفعة، فكيف يكون الضمان بعد ذلك لتلف أو عيب أو نحو ذلك على المؤجر؟ وليس إلا كالتلف للمبيع أو التعيب له بعد قبضه، وهما مضمونان على المشتري إذا لم يكن هناك خيار للمشتري.
وإن لم يكن هذا قبضا للمنفعة، فكيف يجب إقباض الأجرة بقبض العين؟ مع