يكون بالإتلاف، وقد يكون بالتعدي والتفريط وقد يكون بالتعهد بمال أو نفس، وقد يكون بخطاب شرعي، وقد يكون بغرور، وقد يكون بعقد، وقد يكون بقبض في العقد الفاسد، وقد يكون بتلف قبل القبض، وهذه الضمانات كلها تندرج تحت أقسام ثلاثة:
أحدها: ما كان حقا لله من دون مدخلية حق مخلوق فيه، كالعبادات الصرفة و (1) بعض أفراد الماليات، كالعتق في كفارة ونحوه، ونذر الوقف مسجدا ونحوه، ونظائر ذلك، وإن كان في هذه الأمثلة نوع مناقشة.
وثانيها: ما كان حقا للمخلوقين، كضمان الإتلاف والجنايات والديون ونحو ذلك.
وثالثها: ما كان مركبا من الأمرين، كالزكوات والأخماس والنذور وأغلب الكفارات.
وعلى التقادير الثلاثة: فإما أن يكون السبب الموجب لاشتغال الذمة في دين الإسلام موجبا لاشتغال الذمة في الكفر أيضا، بمعنى: أنه شئ يعلم الكفار من دينهم أنه مضمون عليهم سواء كانوا ذميين أو حربيين. أوليس كذلك، بمعنى: أن معتقدهم في دينهم عدم الضمان، وإن كان في شرع الإسلام موجبا للضمان، فالأقسام ستة.
إذا عرفت هذا فنقول: ظاهر الأصحاب: أن الحقوق المختصة بالمخلوقين سواء كانت بضمان يد أو إتلاف أو جناية - ونحو ذلك من الطرق - لا تسقط عن الكافر بإسلامه، وأما الحقوق الإلهية وإن كان لها تعلق بالمخلوقين أيضا فتسقط عنه بالإسلام. ولم نجد في كلامهم التفصيل بين ما كان في دينهم موجبا للضمان أم لا في المقامين.
وبالجملة: فهذه القاعدة في كلامهم في غاية الإجمال، ولم يتعرضوا لها إلا في فروع خاصة في أبواب الفقه، وأغلبها في العبادات، فلابد من تنقيح القول في ذلك