إليه حتى يتصرف فيه وينتفع به.
وبعبارة أخرى: بائع فرس الغير لا يريد بالمعاملة أن يكون الثمن ملكا له شرعا، لأنه لا يمكن ذلك، بل غرضه أن يدفع ويأخذ الثمن بالبيع وينتفع به وإن كان في الواقع يكون ملكا لمالك الفرس إن أجاز وللمشتري إن لم يجز، وكذلك دافع المبيع أو الثمن من نفسه حتى يكون الثمن لزيد أو المثمن له، لا يريد بذلك الانتقال إليه بالمعاملة، بل هو الداعي إلى هذه المعاملة، بمعنى أنه يريد أن يملك فيعطيه إياه، فليس قصده ملكية الغير من هذه المعاملة، بل من أمر آخر.
وبالجملة نقول: إن هذه الصور ليس فيها قصد في المعاملة مغاير لما ينبغي أن يقع عليه، وإنما المنافي قصود خارجية لا عبرة بها في العقد مع تحقق أركانه.
وثالثها أن يقال: إن القصد الذي يتبعه (1) العقد ما كان له دال في ظاهر العقد من شرط أو نحوه، دون القصد الخالي عن اللفظ، ولا ريب أن قصد الغاصب كون العوض له لم يذكر في العقد، وكذا قصد الدافع كون العوض للغير لم يذكر في اللفظ، بل إنما هو مجرد قصد من دون دال، فلا عبرة بهذا القصد.
فإن قلت: لم لم يذكر في العقد ما يدل عليه؟ فإن قول الغاصب: (اشتريت) أو قول البائع له: (بعتك) يدل على أن الانتقال إليه، وهو المقصود من اللفظ، فإذا وقع خلافه لزم منافاة القصد.
قلت: لا نسلم أن مجرد جعل المخاطب هو الغاصب يدل على قصد الانتقال إليه، فإن الوكيل يخاطب بقوله: (بعتك) مع أن الانتقال ليس إليه، ولذلك صرحوا في باب النكاح بلزوم تسمية الزوجين، ولا يخاطب الوكيل ب (أنكحتك) بخلاف الوكيل في البيع.
وبالجملة: كون ظاهر العقد معه لا يدل على كونه مقصودا من الانتقال، لاحتمال الفضولية والغاصبية والوكيلية ونحو ذلك.