أو تالفا كلا أو بعضا أو وصفا، أو معيوبا، كل ذلك بفعل الله تعالى، أو بفعل ذي اليد، أو بفعل أجنبي، فإنه يتعلق الضمان بصاحب اليد في الصور كلها، وإن كان له أيضا رجوع على المتلف أو الغار - أو نحو ذلك - في بعض الصور، فإن ذلك كله مقام آخر، والكلام في كون اليد موجبا للضمان كيف كان.
وخامسها: أنه زعم بعضهم (1) أن الخبر لا يدل إلا على ضمان العين مع بقائها، وأما على ضمان المثل والقيمة مع تلفها فلا، نظرا إلى أن ظاهر كلمة (ما أخذت) إنما هو الشئ المأخوذ بنفسه، ومفعول تؤدي محذوف راجع إلى ما أخذت، فيكون مضمون الرواية: ضمان العين حتى تؤدى إلى صاحبها، ولا دلالة فيها على شئ من المثل والقيمة لو تلفت، بل لا دلالة فيها على صورة التلف بشئ، مضافا إلى أن دفع المثل والقيمة ليس أداءا لما أخذت فكيف يدخل تحت الرواية؟
وهذا الكلام مختل النظام وإن صدر من المعاصر النراقي (2)، لأنه بعيد عن مذاق الفقه والعرف، لأنا إذا بنينا في فهم الخبر على ملاحظة، صرف العرف من دون التفات إلى قوانين الشرع وقرائن كلام الشارع لدل على ذلك، فضلا عن ملاحظة القرينة، نظرا إلى أن المراد بالضمان عند الناس وعند أهل العرف ليس إلا هذا المعنى، إذ ليس للضمان معنى جديد في الشرع، فإن أهل العرف مع قطع النظر عن الشرع إذا أرادوا تضمين مال شخص لشخص لا يريدون إلا أنه يرد عينه مع وجودها ويدفع بدلها - وهو ما يقوم مقامها - مع تلفها أو تعذر ردها ونحو ذلك، وهذا شئ واضح لا سترة فيه. بل نقول: لا يفهم من الضمان إلا دفع المثل والقيمة عند التعذر، وهو المعبر عنه بتحمل الغرامة، إذ لا يكاد يعقل لضمان العين معنى محصل، فإن دفع عين المال إلى مالكه لا يعد ضمانا ولا غرامة.
إذا عرفت هذا، فنقول: إن الخبر دل على أن ضمان ما أخذته اليد ثابت عليه، ولو كان معناه: أن عينه يجب أن يدفعه إلى المالك، لم يكن لذلك محصل، وينافيه