يعسر الانفصال، فإذا كان هو المعنى الحقيقي فيكون المراد في الآية معناه المجازي، فيتسع دائرة الكلام ومجال الجدال في الآية، كما لا يخفى.
وفيه: أن العقد في كلامهم إنما هو العهد - كما عرفت - أو مطلق الربط بحيث يشمل المحسوس وغيره.
ولو فرض اختصاصه بما ذكره، فنقول: لا ريب أن الآية لا يراد بها أن الأشياء التي جمعتم بينها وأوصلتم بعضها ببعض لا تفصلوا بينها، إذ هذا لا ربط له بمنصب الشرع، وليس مراد الله: أن من وصل حبلا بحبل أو بعيرا بحمار أو خشبا بجدار يحرم أن يفصل بينهما، فليس إلا أن يراد به أقرب المجازات، وليس إلا ارتباط المعاملات والشروط - ونحو ذلك - وما قبله العباد من الالتزام بالتكاليف الإلهية والروابط المجعولة بين الصانع وبين مخلوقاته، وهو شامل لمحل البحث، ويؤيده إطباق كلمة المفسرين على هذا المعنى في الجملة.
فلا مجال للتكلم في الآية بما يوجب نقصا (1) في الدلالة والله أعلم (2).
الخامس (3): عموم ما دل من الروايات على أن المؤمنين أو المسلمين عند شروطهم (4) - كما سيذكر إن شاء الله تعالى في بحث الشروط - بتقريب دلالتها على أن كل شرط لازم، والشرط عبارة عن الالتزام، وهو مفيد للصحة فيما هو كذلك، والعقود كلها فيها (5) إلزام والتزام، لأنها نوع عهد، كما قرر.
أو يراد من الشرط الربط وتعليق شئ بشئ - كما يأتي ذكره إن شاء الله تعالى - فيشمل العقود أيضا، لأنها ربط وتعليق لأحد الطرفين، وحيث ثبت إمضاء الشارع لكل (6) شرط فيشمل محل البحث.
وخروج ما خرج بالدليل لا يقدح في كون العام حجة في الباقي، ويجئ في المقام زيادة توضيح.