متى ما حرم على الناس إهانة الشعائر - ومنها المؤمن - فكيف يرضى بتسلط الكافر عليه؟ مع أن فيه من الإهانة ما لا يخفى، وهذا كما يدل على عدم مجعولية حكم يوجب تسلط الكافر على المؤمن - بالتقرير الذي ذكرناه - يدل على عدم جواز إتيان المكلفين بعمل يوجب إهانة المؤمن وتسلط الكافر عليه بنحو أولى وأوضح (1) فأي معاملة تستلزم ذلك فهو غير صحيح، لأنه إهانة محرمة.
وسابعها: قوله تعالى: لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا (2) وجه الدلالة: أن الله تعالى نفى جعل السبيل لهم عليهم (3) على سبيل العموم، وبين أنه لم يجعل لهم سبيلا عليهم، فكل ما يكون سبيلا لتسلط الكافر على المسلم من الأمور السابقة فهو غير مجعول لله، وكل ما هو غير مجعول له فهو باطل، إذ ليس الصحيح إلا ما أمضاه ورضي به، وحيث إن السبيل عام يعم أنواع التسلطات التي ذكرناها في بيان الموارد، كما لا يخفى.
وهنا إشكالات:
أحدها: أن الآية بعد ملاحظة ما قبلها وما بعدها يعلم منها: أنه ليس في مقام بيان الحكم الشرعي، بل هو بيان لحكم آخر وهو: الامتنان وبيان شرف الإيمان.
والجواب: أن العموم لا يصرف عن ظاهره بهذا الأمور، والفرض نفي السبيل من الشارع كيف كان، ومنه الأحكام الشرعية، فدلت على أن الحكم الموجب للسبيل غير مجعول من الشرع.
وثانيها: أنه قد ورد في تفسير الآية: أن المراد نفي سبيل الحجة (4) فيكون المعنى: أن الله لا يجعل للكافرين على المؤمنين سبيل حجة، بل يثبت الدين ويظهر الحق بحيث لا يبقى لكافر حجة بعد ذلك. وهذا لا دخل له لما أردته.
والجواب أولا: أن السبيل المنفي عام شامل للحجة وغيرها، والخبر لم يدل على الانحصار فنقول بدخوله في العموم، غايته: أن ذلك هو المورد وهو لا