فيلحقه حكم ظاهر اللفظ، ولا عبرة بالقصد كذلك، وما يعتبر من القصد إلى أصل المعاملة فقد حصل.
وأما اللفظ العاري عن القصد فباطل ملغى لا أثر له، وليس إلا كقوله: (وهبت) وهو قاصد للبيع، إذ اللفظ المعتبر ما وافق المقصود لا شيئا آخر، فتدبر.
وثانيهما: أن مقتضى شرطية قصد الأركان وقصد الغاية أن لا يحكم بالصحة إلا مع العلم بحصول القصد، إذ الشك في الشرط يوجب الشك في المشروط.
فنقول: لا ريب أن العاقد لو أقر أنه كان قاصدا لما ذكره وعقده يثبت بذلك، لأن القصد شئ لا يعلم إلا من قبله - وسيجئ في المثبتات (1) بيان الوجه فيه - وإن كان ذلك نافعا بالنسبة إليه، إذ ليس قبوله من حيث الإقرار به (2) بل من حيث (3) انحصار الطريق.
ولو أنكر، بمعنى أنه ذكر في اللفظ شيئا وقال: لم أكن قاصدا معناه بل قاصدا شيئا آخر، أو لم أكن قاصدا بالمرة، فهل يحكم هنا بالفساد؟ لأصالة عدم قصد هذا المراد ولأنه شئ لا يعلم إلا من قبله فقوله فيه حجة ولأن الشك في حصول الشرط يوجب الشك في المشروط فيرجع إلى الفساد، أو يحكم بالصحة ولا يقبل إنكاره القصد؟ لأن الظاهر من حاله حين أقدم على المعاملة كونه قاصدا لمعناها، فإنكاره بعد ذلك غير مسموع، وقبول قوله فرع الشك في المقام، وفعله السابق بظاهره حجة في وجود القصد - كما لو أقر بالقصد ثم أنكر - وأصالة عدم القصد مدفوع بتقدم هذا الظاهر عليه - كما يأتي في صحة فعل المسلم (4) - مضافا إلى الإجماع على أن الشارع جعل ظواهر الألفاظ حجة كاشفة عن القصود (5) فيستدل بها عليه، ولا يسمع بعد ذلك إنكار القصد إلا مع قيام دليل يدل عليه، وهو المعتمد (6).