وذلك واضح.
والضابط في بيانه: أن الرشد أن يكون له ملكة نفسانية تقتضي إصلاح المال وتمنع إفساده وصرفه في غير الوجوه اللائقة بحال العقلاء، ومجرد الإصلاح لا يكفي فيه. والسفه ما يقابله، بمعنى عدم تلك الملكة، والإفساد في بعض الأحيان مع وجود الملكة لا يعد سفها.
وطريق معرفته: الاختبار بما يلائمه، في الذكر بحسبه، وفي الأنثى بحسبها، وفي أولاد كل طائفة بما يلائمهم من الحرف والصنائع والمعاملات والنفقات، كما فصلوه في كتب الفقه.
وفي كلام بعضهم: أن صرف المال في وجوه البر لا يعد سفها وإن بلغ ما بلغ وخرج عن المعتاد لأمثاله، إذ لاسرف في الخير (1).
وفيه نظر، والظاهر أن الخروج عن الحالة اللائقة بحاله داخل في الإسراف معدود من السفه وإن كان في وجوه البر، وفي الكتاب والسنة ما يشهد بذلك (2) كما لا يخفى على من تتبع فيهما وفي كلام الأصحاب.
وأما الإكراه والاختيار: فهما أيضا موضوعان عرفيان. والأصل في محل الشك عدم الإكراه، وما صدق عليه عرفا أنه إكراه فيلحقه حكمه.
فلو أجبره على البيع فآجر أو صالح أو أكرهه على البيع نقدا فأسلم، أو أكرهه على البيع بخيار فألزم، أو أكرهه على شئ بشرط الانفراد فضمه إلى شئ آخر، أو أكرهه على شئ بشرط انضمامه إلى شئ آخر فأفرده، لا يعد مكرها في شئ من ذلك، لأن المدار في الإكراه على صدور ذلك الفعل المأتي به من دون الرضا، وهذا لا يصير إلا بوقوعه على مقتضى إرادة المكره - بالكسر - ورضاه، فالمخالفة قاضية بعدم مراعاة رضاء المكره - بالكسر - فلابد من كونه عن رضا نفسه، كما هو