إلا بعد إتمام العمل واستيفائه، بخلاف سائر الأعيان المستأجرة، فإن قبض العين فيها قام مقام قبض المنفعة في خصوص جهة التقابض بالدليل وإن لم يكن قبضا حقيقة، ولذلك يترتب الضمان لو تلف على المؤجر، وفيما نحن فيه مثل الأجير، فإن الزوجة لا تدخل تحت اليد، مع أن المقام تمليك انتفاع، لا تمليك منفعة، وكونه كالإجارة محل منع.
وثانيا نقول: الكلام في حليه قبض الزوجة أيضا، فإن القبض عبارة عن التسلط، ولا يتحقق إلا بتمكين الزوجة ورفعها الموانع، وليس للزوجة ذلك إلا بمحلل شرعي، إذ لا ريب في تحريم التمكين أيضا ما لم يقع هناك محلل.
وبالجملة: فالمعاطاة في النكاح مما لا يمكن فرضه، لأنها: إما تمليك أو إباحة، وليس للزوجة إباحة نفسها ولا تمليكها إلا بمحلل شرعي، فلو توقف التحليل أيضا على التمكين والإباحة والتسليط لزم الدور.
وهذا كلام لا يخفى على من اطلع على الضوابط وورد مشرب الفقاهة، فلا يحتاج إلى منع دلالة العمومات أو إثبات دليل دال على إخراج المعاطاة في النكاح عن تحتها (1). هكذا ينبغي أن يحقق المقام بحيث لا يبقى شبهة في المرام.
وثانيهما (2) بالنسبة إلى سائر المعاوضات، كالبيع والصلح والإجارة والهبة المعوضة والمزارعة والمساقاة والمضاربة، ونحو ذلك. والحق فيها أيضا كون المعاطاة مفيدة للأثر، وهو الإباحة في التصرف أو التمليك على الوجه الاخر، كما سيأتي تحقيق ذلك إن شاء الله تعالى، والوجه في ذلك أمور:
أحدها: فتوى الأصحاب - خلفا وسلفا - على أن المعاطاة مفيدة للأثر في هذه العقود وإن لم يجر عليه أحكام العقود بتمامها، ولم يعهد في ذلك عنهم مخالف إلا نادر منهم كما سيذكر، والمخالف أيضا وافقنا في مقامات اخر. وسيظهر لك ضعف ما تخيله وجها لعدم التأثير، فالاجماع على ذلك محصل في الجملة.