لكان الضمان للعمل، وهو الدفع والإتلاف، وليس البحث فيه. وثانيا: إن الجعالة لا تكون إلا لعمل مقصود محلل، ولا غرض صحيح يتعلق بإتلاف الغير ماله أو دفعه إلى غير القابل، ولو فرض تعلق غرض بذلك فلا مانع من كونه جعالة، لكن الضمان يرجع إلى أجرة المثل لهذا العمل، لا إلى المال المتلف، فتدبر.
ولا يمكن التمسك في ضمانه بالغرور، بتقريب: أن القائل قد غره بالتزامه بالعوض، لأن الغرور إنما يكون في الموضوع، وهنا قد اغتر الدافع لنفسه مع عدم كونه في الشرع كذلك، لتقصيره في تعلم الحكم، مع أنه غير آت في صورة علم الدافع أو المتلف أيضا بأنه شرعا غير مضمون على القائل، والبحث أعم من صورة العلم والجهل. وأما ضمان المدفوع إليه وإن كان يقتضيه قاعدة (اليد) لكنه ساقط بالأقدام، كما يأتي في بحثه إن شاء الله.
ومنها: أن يأمر بالدفع أو الإتلاف فيما يعود إلى القائل - كأمره بأداء دينه، أو إعطاء نفقة زوجته أو دابته، أو تعمير داره، أو نحو ذلك - مع تصريحه بأن الضمان عليه. وقد نص الأصحاب في الدين والضمان بأن الأذن في الضمان وأداء الدين يوجب الرجوع على الاذن وإن لم يصرح بأنه يدفعه ويضمنه. والظاهر أن في هذه المقامات كلها يضمن، نظرا إلى قاعدة (اليد) فإن كل مال صرف في مصارفه بإذنه فقد دخل في يده، وقد أقدم الباذل إلى العوض، كما أن المبذول إليه أيضا قد أقدم على ضمانه، فدخل تحت يده من دون تبرع، فمقتضى القاعدة الضمان، وهذه الأمور في الحقيقة ترجع إلى أمرين: أحدهما كون الدافع أو المتلف وكيلا عن القائل في الاقتراض، ووكيلا (1) عنه في الصرف إلى مصارفه، فيصير بمنزلة عقدين، فتدبر. وهنا أبحاث لا حاجة إلى ذكرها.
وهنا صورة وهي ما لو أمر غيره بدفع أو باتلاف أو بعمل في أي الأقسام السابقة كان من دون تصريح بالضمان على نفسه فهل يحكم بذلك على الضمان أم لا؟ ولا بحث في أنه في الصورة التي لو صرح بالضمان لم يكن ضامنا، ففي ما لو