وأين ذلك من إثبات الوجوب والتعيين على الحكام بالخصوص؟ فتدبر. مضافا إلى أن مجرد صلاحية الفقيه للنصب لا تقتضي التعيين، وجلالته لا تفيد ذلك، إذ الجلالة قد توجب التعيين على غيره، إذ ليس جميع ما فرض أشد لياقة بالجليل من غيره، بل فيه ما هو بالعكس.
وبالجملة: فالعمدة: الإجماع وما مر من الأخبار على ما ذكرناه في بعضه، ولولا ذلك لما اقتضى كون الشئ مما لابد منه ثبوته على الفقيه، بل كان سبيله كسبيل الواجبات الكفائية.
نعم، لو أريد إثبات جواز مباشرة الحكام أو وجوبها عليهم ولو كفاية - وبعبارة أخرى: عدم المنع عليهم في هذا التصرف - لأمكن إثباته على هذا الفرض، وهو ليس محل البحث، فتدبر.
ويمكن التمسك في إثبات ولاية الحاكم بعموم (قاعدة الإحسان) السالفة (1).
ولكنه لا يدل على الولاية أولا - بل يدل على عدم الضمان، لأن ذلك لمحض الإحسان - وعلى الانحصار ثانيا. ودعوى كون تصرف الحاكم إحسانا دون غيره تحكم.
وبعموم قوله تعالى: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض (2) وهو أيضا غير دال على الانحصار. مضافا إلى أن الفرض: إثبات الولاية من جهة الحكومة، لا من جهة الإيمان والإحسان، وهما لا يدلان على المدعى.
ومن ذلك ظهر: عدم إمكان التمسك بعموم أدلة الحسبة والمعاونة على البر والتقوى أيضا، إذا العمدة هنا: إثبات الولاية للحكام من حيث هم كذلك، وهذه الأدلة تقضي باشتراك الغير معهم، مع أن المدعى نفيه.
نعم، بقي في الأخبار إشكال وهو: أن أغلبها إنما هو بلفظ (العلماء) والظاهر منه اعتبار العلم في ذلك، وعلماؤنا يدور مدارهم على الظنون، فلا وجه لإدراجهم