المنفعة (1) ومن اعترض على هذه القاعدة غفل عن هذه الدقيقة، فتأمل حتى يتضح الأمر.
وثانيها: أن الأصحاب في مقام تعارض الواجب والحرام وعدم إمكان القول بهما بنوا على تقديم جانب التحريم كما ذكروا في مسألة اجتماع الأمر والنهي، وكل من قال بعدم جواز اجتماعهما قدم النهي.
وثالثها: ما ورد في الخبر أنه: (ما اجتمع الحرام والحلال إلا وغلب الحرام الحلال) (2) ومقتضاه: أن جانب التحريم يقوى على مقابله، والمراد بمقابلة ما يعم الوجوب، بقرينة ذكر الحلال في مقابل الحرام.
ورابعها: مصير الأكثر، بل الكل هنا على تقديم جانب الضرر، كما لا يخفى على المتتبع.
وخامسها: ما قررناه في مبحث نفي الضرر: أن هذه القاعدة عقلية غير قابلة للتخصيص، وما ذكرناه من وقوع بعض أفراد الضرر قد أجبنا عنه بما لا مزيد عليه، فراجع ما حققنا في ذلك البحث (3).
وبالجملة: تقديم أدلة نفي الضرر على دليل لزوم العقد مما لا بحث فيه، وهذه الخيارات - إلا ما شذ منها - داخلة تحت دليل الضرر، كما يظهر بعد التأمل، ولا حاجة فيها إلى أدلة خاصة وإن وردت في بعضها، فتدبر.
نعم، هنا إشكال، وهو أن أدلة نفي الضرر تدل على أنه منفي في الشرع، فلا وجه لتعيين الخيار لذلك، إذ غاية ما أفاده الدليل من لزوم طريق يرتفع به الضرر، وأما أن ذلك هو الخيار، فلا دلالة فيها على ذلك (4) وقد أشرنا إلى هذا الكلام في بحث الضرر فراجع، فمثل الغبن أو العيب الذي أثبتوا به الخيار يمكن دفع الضرر فيه (5) بدفع ما به التفاوت أيضا من صاحب المال، أو من بيت المال، أو نحو ذلك.