يرجع إلى ملاحظة مفاهيم العقود، فإن الوقف - مثلا - تمليك المنفعة أو تسبيلها مع حبس العين، وهذا مفهومه العرفي الذي يفوت لو لم يكن هناك عين أو منفعة، أو لم تكن العين مما من شأنه البقاء، أو كان ذلك كله ولم يتحقق التمليك أو لم يتحقق التحبيس، أو جعل موقتا أو منقطعا، فإن كل ذلك مما يخالف مقتضى ذات عقد الوقف ويشاركه في الأغلب السكنى والتحبيس.
ويشترك البيع والإجارة والصلح والجعالة والسبق والرماية في اقتضاء ذاتها المعاوضة، فلو كان بدون العوض أو بدون التمليك - على فرض تحقق المقصود - لم يتحقق اسم المعاملة.
ومثل ذلك: كون المضاربة المعاملة (1) بحصة من الربح، والمزارعة معاملة على الأرض بحصة من النماء، والمساقاة معاملة على الأصول بحصة من الثمرة، فإن كل ما يقتضيه ماهية العقد وتحقق اسمه يسمى (مقتضيات الذات) كما ذكرناه.
ومنها: الاستمتاع في النكاح، والنفقة في الدائم منه في وجه.
ومن هذه الأمثلة قد عرفت (2) كون مقتضى الذات شرعيا بمعنى كونه مجعولا للشرع وإن لم يحكم به العرف، وعرفيا بمعنى حكم العرف به وإن لحقه الشرع، كالتسليط على التصرف في التمليكات، فإنه من اللوازم التي تكشف انتفاؤها عن انتفاء الملك ما لم يمنع مانع.
ولا ريب في اعتبار هذا النوع من المقتضيات، لعدم شمول الأدلة بدونها، وفي بطلان (3) اشتراط ما خالفها - كما نذكر في بحث الشرط - لعدم العبرة بالشرط مع عدم تحقق المشروط فيوجب صحته بطلانه، وذلك واضح.
والمراد بمقتضيات الإطلاق: كل ما يقتضيه العقد بحسب إطلاقه، بمعنى عدم ذكر ما يقيده بوصف أو وقت أو مكان أو نحو ذلك، سواء كان من جهة العرف الخاص أو العام أو اللغة. والميزان: ما ينصرف إليه لفظ المعاملة، أو يحكم بأنه