المقام الأول في جريانها (1) في الإيقاعات والحق عدم كونها (2) سببا في الإيقاعات المعروفة: من الطلاق والظهار واللعان والإيلاء والعتق والإقرار، لوجوه:
أحدها: اتفاق الأصحاب في ذلك كله (3) على اعتبار اللفظ الصريح، بل في بعضها على صيغ خاصة. وظاهرهم عدم الخلاف في كون ذلك شرطا وعدم إفادة الفعل في ذلك تأثيرا وإن كان منويا به الإيقاع، فإن إخراج المرأة - مثلا - عن البيت أو إطلاق العبد عن الخدمة لا يعد طلاقا وعتقا ولا يؤثر فيهما.
وثانيها: أصالة عدم الترتب للأثر المقصود عليه، والأصل هو الفساد، واستصحاب بقاء المرأة على الحلية والعبد - مثلا - على المملوكية.
وبعبارة أخرى: استصحاب ما كان قبل هذا الفعل سواء كان عدم وجود الأثر الجديد أو بقاء الحالة السابقة، فإن الاستصحاب حجة فيهما. ولم يدل هنا دليل على كون المعاطاة قاطعا للاستصحاب، إذ الأدلة الدالة على صحة هذه الإيقاعات إما النصوص الخاصة المعلقة للحكم على اسم الطلاق والعتق ونحو ذلك (4) غيرهما، ولا ريب أن شيئا من ذلك لا يصدق على مجرد الفعل وإن قصد به ما يقصد من اللفظ. وإما ما ذكرناه من شمول أوفوا بالعقود (5) بناءا على أعميته من الإيقاع والعقد المصطلح، ولا ريب أن الظاهر منه بعد شموله للإيقاع إنما هو القول أو العهد المؤكد، ولا يكون مؤكدا إلا بالقول.
وأما عموم (المؤمنون عند شروطهم) (6) فنقول: إن الشرط إن كان بمعنى الربط فلا ربط له بالإيقاعات إلا على تكلف مخرج له عن الإطلاق والعموم، وإن