فهو باعتبار المقصود مجهول الحصول وإن كان معلوم الحصول في الجملة، وبعد حمل الكلام في جهل الحصول على هذا المعنى اتضح (1) اندراج المجهول تحته، إلا في نحو المثال المتقدم.
ولكن الظاهر: أن الغرر عبارة عن احتمال الزيادة والنقصان اللذين لا يتسامح بهما (2) عادة، من دون فرق بين أن يحصل الوثوق بحصول ما يقابل العوض أم لا، فإن الفرس المجهول (3) في أوصافه إذا علم أنه يساوي مائة درهم على أي نحو فرض، فعلى ما ذكرناه من المثال السابق لا غرر في ذلك إذا اشترى بمائة، للقطع بحصول ما يقابل الثمن كيف كان، فلا يصدق هنا الجهل بالحصول.
لكن الظاهر دخوله تحت دليل الغرر باعتبار عدم الوثوق بحصول ما يحتمل في نظر المشتري، ولا دخل لمساواة الثمن في ذلك، إذ لا يكون غرض المشتري حصول ما يوازي الثمن في العادة، بل المقصود غالبا الاسترباح والأخذ بما يساوي الأزيد من الثمن، فمتى ما كان مجهولا فيحتمل المشتري فيه الزيادة ويطلبها على مجرى العادة، فالإقدام على المجهول مع كون المطلوب ذلك غالبا إقدام على ما لا يوثق بحصوله بالنظر إلى المقصود، وهو معنى الخطر والغرر، فكل ما هو مجهول داخل تحت دليل الغرر وإن حصل العلم بحصول ما يوازي العوض المبذول، فتدبر. ولا نحتاج في إبطال معاملة المجهول إلى دليل آخر من إجماع أو نص.
ورابعها: أنه حكي عن الشيخ رحمه الله أن بيع صبرة بصبرة مجهولة إن ظهر مصادفة الواقع والتماثل فهو جائز (4) وظاهر كلامه يقتضي أن الغرر عبارة عن الخطر الواقعي، بمعنى لزوم النقصان والزيادة عما أقدم عليه في نفس الأمر، فلو ظهر موافقة المقصود وعدم الخطر فلا بأس به