حتى ينكشف الواقع، فالحكم في الواقع ثابت لذلك الموضوع الذي جعل مسلطا على المال ونحوه، لكنه لا يعلم إلا ببيان من الشرع، وهو لا يكون إلا من الشارع ومن قام مقامه في بيان الأحكام الشرعية، ولا ربط لذلك الحكم بالبيان، بمعنى: أن النصب والإنشاء ليس محدثا للحكم وعلة له، بل الحكم في الواقع ثابت لوجود المصلحة الكامنة والشارع مبين له.
إذا عرفت هذه الوجوه، فنقول: المسلطون (1) على المال ونحوه على ما استفيد من استقراء موارد الشرع أشخاص محصورة يعبر عنها بالأولياء، وهم النبي صلى الله عليه وآله و خاصة، ووكيل الحاكم، والوصي المنصوب من المالك أو الولي الخاص أو العام، والمالك، والأب والجد ووكيلهما، والمقاص، والمأذون في التصرف ممن له أهلية الأذن والولاية، سواء كان [الأذن] (2) بطريق الإباحة أو بطريق عقد من شركة ومضاربة ووديعة وجعالة وعارية ونحو ذلك.
وهذه الأشخاص بعضها من قبيل الوجه الأول، كالوكيل والمأذون مطلقا فيهما. وبعضها من قبيل الوجه الثاني، كالوصي في المال أو في الصغار والمجانين ونحو ذلك، سواء كان نصبه من الأب أو الجد أو من وصي أحدهما - حيث يجوز [له] (3) ذلك - أو من الحاكم. وبعضها من قبيل الوجه الثالث، كالمالك والأب والجد والنبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام بالنسبة إلى الولاية العامة وبعضها محل بحث وإشكال، كالحاكم المنصوب من الإمام خاصا أو عاما، وتحقيق ذلك كله يأتي إن شاء الله في بحث الولايات والسياسات.
ومن ذلك يظهر: أن عروض الجنون والإغماء للوصي أو الحاكم لا يوجب انعزاله كالمالك والأب والجد، بناءا على أن ذلك كله من باب الولاية أو بيان الحكم التابع لصدق الموضوع، فبالخروج عن الأهلية بالجنون ونحوه يخرج عن