بباله من الكيفيات، ولا يمكن تطابق أخرسين في ذلك، فضلا عن الكل، مع أن أدلة الإشارة مطلقة تعم المعتاد للكل وغيره.
وأما كونها معتادة عند نفسه فالظاهر اعتباره، بمعنى أنه لا يوثق بإفادة المراد (1) مع كون إشارته بذلك الوضع معتادة له حتى يقوم مقام اللفظ، وأما غير المعتاد فلا عبرة به إلا مع حصول القطع بالمراد، لكن في مقام لم يكن للخصوصية مدخلية، كما في الإقرار والوصية ونحو ذلك.
الثالث: أن الأخرس لو أتى في مقام عقد أو إيقاع بإشارة غير معتادة له على ذلك وقصد بها المعنى، فقد ذكرنا أن بالنسبة إلى الغير لا عبرة بها، وأما بينه وبين الله فهل يجب عليه أن يلتزم بذلك (2) لإطلاق ما دل على سببية الإشارة من النص والإجماع، أو لا يجب أن يلتزم به؟ (3) لانصرافها إلى الإشارة المعتادة، ولأن الإشارات (4) للأخرس كالألفاظ لصاحب النطق، فكما أنه لو تكلم الناطق بلفظ البيع وقصد الإجارة أو بلفظ الطلاق وقصد الظهار أو بلفظ مهمل وقصد أحد الأسباب لم يصح لمكان العبرة بخصوصية الألفاظ، فكذلك الإشارة قد اعتبرت خصوصيتها.
ومن ذلك يعلم: أنه يجئ في الإشارة ما في بحث الألفاظ: من الحقيقة والمجاز والكناية، والمحرف والملحون والغلط، والصريح والظاهر، ونحو ذلك، فكل ما نتعرض له في الأسباب القولية من الأحكام والشرائط كلها آتية في الإشارة.
وعليك بتطبيق هذا البحث على ما سيأتي، وتنزيل الإشارة منزلة اللفظ، فإن هذا هو الضابط في المقام، ولقلة الفائدة لا نطيل الكلام.
الرابع: أنه هل يشترط في الأخرس لوك اللسان في جميع المقامات، أم لا؟