مر في بحث الشروط: أن المراد بالشرط الواقع في ضمن العقد ربط المعاملة به، لا التزام خارجي لنفسه، فمتى تحقق الربط وفسد الشرط فما وقع عليه القصد من المركب لم يقع، والمطلق لم يتعلق به القصد فلا وجه لوقوعه. وليس العقد دالا على وقوع المعاملة وإن انتفى الشرط، بل هو دال على عدمه بدونه، فالتمسك بعموم أوفوا بالعقود لا ينفع في بقاء الصحة، لأن هذا العقد المخصوص كان مقتضيا للأثر بهذا القيد، ومقتضاه عدمه عند عدم القيد، فيمكن دعوى: أن عموم أوفوا بالعقود (1) و (المؤمنون عند شروطهم) (2) يدل على البطلان، لا الصحة بأحد الاعتبارات، فتدبر.
ولو فرض أن العقد بظاهره اقتضى الوقوع بدون الشرط أيضا نقول: لا وجه لبقاء الصحة، لعدم القصد على ذلك. ولو كان قاصدا للوقوع بدون الشرط أيضا لا يصح، لعدم الدال حينئذ عليه، والقصد الخالي عن الدال قد مر أنه لا عبرة به، واللفظ بعد التقييد بالشرط دال على الربط، فتدبر.
وقد تمسك بهذه القاعدة كثير من الفقهاء في كثير من الأبواب، كشرط عدم إشاعة الحصة في المزارعة أو في المساقاة أو في المضاربة، أو شرط عدم التزويج عليها في النكاح، أو شرط عدم التصرف في المبيع، ونظائر ذلك، وكلها مبنية على إبطال الشرط الفاسد للعقد، وقد عرفت الوجه في ذلك.
والشرط الفاسد لا يخلو من أحد الأقسام الأربعة، فكل مقام حكم الفقهاء ببطلان شرط في العقود لابد من إرجاعه إلى أحد الأمور الأربعة حتى يوجب البطلان في نفسه (3) في العقد، لما ذكرناه. وقد مر الوجه في وجه فساد هذه الأربعة في نفسها مستوفى، فراجع (4).