قلنا بأن لزوم الشرط إنما هو بدخوله في العقد وانحلاله إلى الكيفية وصيرورته كالجزء من الأركان، فيدخل في الوفاء بالعقد، فلا ريب أن هذا المقصود لم يذكر في العقد ولم يكن من كيفياته، وليس مجرد تخيل وقوع شئ أو انتفائه قيدا في المعاملة، إذ مجرد كونه داعيا بحيث لو لم يكن كذلك باعتقاده لم يفعل لا يصير قيدا حتى يكون داخلا في الكيفية، بل هو مورد باعتقاده الفاسد.
وأما كون ذلك ضررا عليه، فمدفوع بأنه ضرر أقدم عليه بنفسه، لأنه لم ينشأ إلا بفعله لا بفعل الغير، وتقصيره في فهم الأحكام الشرعية إن لم يوجب زيادة الحرج والتكليف عليه فلا ينفي ما هو لازم لطبيعة ما فعله من الأحكام.
وهذا وجه واضح، وإلا للزم عدم ترتب الضمان ونظائر ذلك على من أوجد أسبابها باعتقاد عدم الترتب، فتدبر.
مع أن إطلاق ما دل على ترتب ما يترتب وعدم ترتب ما لا يترتب شامل لصورة ما قصده أو لم يقصده أو قصد خلافه، وليس في الأدلة ما يعارضه، إذ ليس هذا داخلا تحت دليل شرط، ولا دليل ضرر، ولا دليل عقد.
نعم، قد يقال: إنه يدل على ذلك عموم قوله عليه السلام: (لكل امرئ ما نوى) (1) فإن ظاهره: أن المرء إذا نوى شيئا فهو يحصل، والفرض أن العاقد قاصد - مثلا - عدم الخيار للمجلس، أو قاصد عدم نفقة الزوجة - أو نحو ذلك - فينبغي أن يحصل هذا له بمقتضى العموم، وخروج بعض الأشياء عن تحت العام بالدليل لا يقضي بعدم الحجية في الباقي، فلا وجه لإسقاط هذا القصد بالمرة وإلحاقه بالعدم.
ولكن نقول: إن هذه الرواية تعارض ما دل على عدم ترتب هذه الأحكام وجودا وعدما على العقود سواء نوى أو لم ينو بالعموم من وجه - وذلك واضح - والترجيح مع الأدلة النافية، لكثرتها وقوتها وفتوى الأصحاب بها وكون خارج هذه الرواية أكثر من داخلها وانصرافها إلى غير العموم المدعى منها، ولو فرض عدم الترجيح فالمرجع الأصل، والأصل عدم تأثير هذا القصد.