مضافا إلى أن الفقهاء يستدلون به في كون الإسقاط موجبا للسقوط، وفي كون الأذن مبيحا للتصرف، ونحو ذلك من المقامات، بتقريب: أنه ماله والشارع سلطه عليه، فإذا أسقطه فلا كلام فيه، ونظير ذلك يذكرونه في الحقوق، والظاهر عدم الفرق.
فنقول: إذا ملكه لغيره فهو (1) مسلط، وليس معنى تسلطه (2) إلا وقوع ما فعله عند الشارع، وتقييده بكونه على نحو قرره الشارع حتى يحتاج في ذلك إلى إثبات الصحة من خارج دعوى بلا بيان، والفهم العرفي بانصرافه غير ظاهر.
فإذا ثبتت القاعدة في الماليات تثبت في غيره أيضا بعدم القول بالفصل، فإن من قال بأصالة الصحة في بعض العقود قال به في الجميع، فتدبر.
الرابع: قوله تعالى في سورة المائدة: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود (3).
وتحرير الدلالة على المدعى بأن يقال: إن الإيجاب والقبول الواقعين بين المكلفين لا ريب أنه داخل في العقود، لأن معناه الربط، والإيجاب والقبول ربط شئ بآخر، فيشمله ذلك. أو بأن (4) معناه: العهد أو العهد المؤكد، فيشمل الإيجابين أيضا، لأنه عهد من المتعاقدين ومؤكد كذلك، لبناء العقود على الدوام والثبات - كما يقرر (5) في محلها - فيدخل تحت العموم، وظاهر الأمر وجوب الوفاء بكل ما هو عقد، وكل ما وجب الوفاء به من المكلفين فهو صحيح، إذ ليست الصحة إلا ترتب الأثر شرعا، فإذا أمضى الشارع ما وقع بالوفاء به والعمل بمقتضاه فعلم كونه مؤثرا في ذلك.
وبعبارة أخرى: لا نريد من الصحة إلا قبول أثره المقصود عند الشارع، وهو حاصل من الأمر بالوفاء وملخص كلام أهل اللغة والتفسير في هذه الآية الشريفة: أن صاحب الكشاف.