أو انتفاع، فقد مر في بحث المباشر والسبب: أن الإكراه رافع للضمان عن المكره - بالفتح - وموجب لكونه على المكره - بالكسر - (1) وليس ذلك كالغرور وإن كان كلام بعضهم - كعبارة الروضة (2) - يقضي بعدم الفرق. والوجه في ذلك: أن أسباب الضمان مع حصول الإكراه لاتصدق على المكره - بالفتح - ولا يعد متلفا، ولا مضرا، ولا صاحب يد ونحو ذلك، بل كل ذلك يصدق على المكره - بالكسر -.
نعم هنا إشكال، وهو: أن السبب في عدم ضمان المكره - بالفتح - لو كان عدم صدق الأدلة بالنسبة إليه فلم تقولون بالضمان في قتل النفس؟ وإن لم يكن كذلك فلا وجه لعدم ضمان المكره - بالفتح - بعد صدق السبب. نعم، لو كان الإكراه بحيث يسلب القصد ويكون المكره كالآلة فهناك لا يصدق السبب ولا يصير ضمان عليه، وهو خارج عن محل البحث، بل عن الإكراه أيضا.
وربما يقال: إن الوجه القول بكون القاعدة إنما هو ضمان المكره - بالفتح - خرج ما عدا الدم بالإجماع، أو نقول: لم يخرج بل في غيره أيضا ضامن، ولكن يرجع إلى المكره - بالكسر - كالمغرور، بالإجماع.
والحق: أن الإكراه موجب لعدم صدق السبب بالنسبة إلى المكره - بالفتح - ومصير المشهور إلى عدم ضمانه في محله على القاعدة. وفي باب الدم إما أنه يصدق أنه قاتل وإن كان مكرها كما هو الظاهر، وأما أنه قام النص والإجماع عليه إبطالا للترجيح وسدا للباب. ووجه صدق السبب هنا عليه: أن الإكراه في العرف إنما يعتبر فيما كان المخوف منه أمرا أعظم مما أكره عليه - كما هو الغالب - فإن من اكره بدفع ألف حذرا من دفع واحد أو من اكره لدفع واحد حذرا من الوقوع في واحد آخر مثله لا يعد مكرها عرفا وعادة، فهنا أيضا نقول: كونك مكرها على قتل النفس لا يكون إلا مع كون ما تحذر منه أشد مما تقع عليه، والفرض: أن قتل نفسك ونفسه سواء في المحذورية. إلا أن يقال: إن المدار على نظر المكره - بالفتح - ولعل قتل نفسه أعظم في نظره من قتل شخص آخر، بل هو كذلك، لأن الإنسان يفر من