الخاصة في كثير من هذه المقامات مع إشعاره باعتبار العدالة، لعدم سماع خبر الفاسق وعدم جواز الركون إليه الدال على تأسيس القاعدة، مع أن تتبع ما ورد فيه النص وقام عليه الإجماع يورث استقراءا مفيدا لإلحاق المشكوك فيه بالغالب.
وبقي هنا كلام: وهو أن الوكيل في ما تجوز فيه الوكالة - كالعقود والإيقاعات، وتطهير الثوب، ونحو ذلك من قبض وإذن - لا يشترط عدالته، مع أن فعله وقوله مبني على الصحة مسقط عن الموكل، بمعنى: أن كل ما فعله فهو بمنزلة ما فعله الموكل، فينبغي اشتراط عدالته أيضا، إذ لعله يخبر عما هو ليس بواقع من بيع أو نكاح أو تطهير أو غير ذلك، وأي فرق بين هذه الأمور وبين الاستنابة لعبادة كالحج ونحوه حيث يشترط فيه العدالة؟ وعللوه بعدم سماع قوله في إتيانه بالعمل على وجه صحيح، فلا يعلم براءة الذمة، واطلاع الغير على أفعاله غير ممكن، إذ من جملة الشرائط قصد القربة ولا يطلع عليها أحد. مع أن هذا الوجه يجري في المعاملات أيضا، فإن قوله غير مسموع، واطلاع الغير غير ممكن، إذ من جملة شرائطها القصد، وهو مما لا يمكن الاطلاع عليه، فلعله كان غير قاصد.
ودفع ذلك: إما بأن يقال: إن مقتضى القاعدة كان اشتراط العدالة، ولكن خرج باب الوكالة بالإجماع وإطلاق النصوص وكون فعل الوكيل منزلا منزلة فعل الموكل مطلقا.
وإما بأن يقال: إن فعل الوكيل ثبت صحته في هذه الأمور بأصالة الصحة في فعل المسلم، أو بأصالة الصحة - المشار إليها في العناوين السابقة - ويكتفى بها للموكل أيضا.
ولو قيل: إن هذا الكلام يجري في العبادات أيضا، فإن النائب إذا فعل فعلا فأصالة الصحة تقضي بكون ذلك جامعا للشرائط، فيكون كافيا للمنوب عنه ولا يحتاج إلى سماع خبره كما في الواجبات الكفائية، فإذا رأيت من يشتغل بغسل الميت تكتفي بذلك في السقوط عنك بأصالة الصحة وإن لم يكن عادلا، فلم