هذه الكلية لا دليل عليها إلا ما دل من النص والإجماع في البيع في خصوص المبيع.
وليس البحث فيما إذا كان التلف بإتلاف صاحب اليد، لأنه حينئذ ضامن بقاعدة الإتلاف قطعا، ولا فيما إذا كان التلف بإتلاف المالك له وإن لم يقبض، فإنه في حكم القبض - كما نذكره في باب التأدية إن شاء الله تعالى - ولا فيما إذا كان ذو اليد معاندا غاصبا مانعا من الدفع إلى صاحبه مع وجوبه عليه، وإلا لكان ضامنا بأدلة الغصب والعدوان قطعا.
بل إنما البحث فيما إذا تلف بآفة سماوية، أو بإتلاف أجنبي مع عدم لزوم الدفع والقبض على صاحب اليد، إما لأذن مالكه في البقاء والتأخير من دون أن يجعله وكيلا في القبض حتى يحصل القبض، وإما لإمساكه المال حتى يحصل التقابض من الجانبين - على ما حققناه: من عدم لزوم القبض قبل إقباض الاخر فيما يمكن فيه التقابض على المعنى الذي فصلناه بحسب تفاوت المقامات في العين والمنفعة في باب القبض، فراجع (1) - فإنه ليس في هذا الفرض من أسباب الضمان السابقة شئ، وإنما الضمان هنا مبني على تأسيس قاعدة (التلف قبل القبض).
وحيث إن المدرك خفي في المقام اقتصر بعضهم على خصوص المبيع (2) للنص والإجماع ولم يتعد إلى غيره وحكم بكون التلف في غيره - حتى في الثمن - من مال المالك، فإن كان التلف بآفة سماوية فقد تلف من ماله كما لو كان في يده، وإن كان التلف بإتلاف أجنبي فله الرجوع على المتلف، ولا دخل في ذلك لصاحب اليد.
ولكن لا يخفى أن الأصحاب التزموا بضمان صاحب اليد في منفعة الإجارة،