وهذا الكلام له وجه تخريج، إلا أن الآية على المختار شاملة لكل عهد بظاهر لفظ العموم (1) وكلمة المفسرين، فينبغي (2) ارتكاب هذا الكلام في التكاليف أيضا بوجوب الوفاء بالأنواع الشائعة - كالصلاة وحرمة الزنا - وإن كان في أفرادها (3) النادرة، دون الأنواع النادرة، وهو خلاف ظاهر الآية وظاهر أهل التفسير، بل ظاهرهم الأطباق على إرادة الحلال والحرام مطلقا، فكذلك في العقود، فتدبر.
فلا وجه لرمي الآية الشريفة بالإجمال - كما يتراءى من بعض المتفقهة - ولا حملها على الأنواع المتعارفة كما طفحت به كلمة طائفة من المدققين، والله العالم.
وهنا إشكالات:
أحدها: أنه لا ريب في خروج كثير من العهود عن الآية، لعدم لزوم الوفاء بها، سواء كان في الأحكام الإلهية، أو في العهود بين الناس، أو نحو ذلك، فاللازم على هذا إما ارتكاب تخصيص الأكثر، وهو غير جائز أو نادر. وإما حمل العموم على المعهود، وهو مخرج عن الدلالة على ما هو المراد من التمسك به في كل مشكوك، بل يختص إلى المتعارف (4) فردا أو نوعا.
والجواب عنه: أن المراد - كما ذكرناه - هو العموم الأفرادي، ولا ريب أن أفراد العقود الصحيحة أكثر وجودا من أفراد الفاسدة، وكذا أفراد الواجب في التكاليف أكثر وقوعا وترك الحرام شائع تحققا، فالعهود اللازمة الوفاء أكثر أفراد ا من غيرها.
مضافا إلى أن استهجان تخصيص الأكثر إنما هو مع عدم بقاء كثرة يعتد بها، وهنا ليس كذلك، حتى لو أريد الأنواع (5) لأن الأنواع اللازمة الوفاء أيضا كثيرة، فتدبر.
وثانيها: أن الحمل على العموم إنما هو مع عدم وجود قرينة على خلافه أو